كتبت لينا فخر الدين في “الأخبار”:
داخل السجون اللبنانية، الحديث واحد: إمكان إقرار أحد اقتراحات القوانين المقدّمة من أكثر من جهة لخفض السنة السجنيّة. يعيش السجناء على أمل أن تقرّ الجلسة التشريعيّة اليوم اقتراح القانون الذي تقدّم به وزير الداخليّة والبلديّات بسام المولوي بخفض السنة السجنيّة من 9 إلى 6 أشهر لمرّة واحدة فقط، من دون أن تشمل المحكومين بالمؤبد أو الإعدام (تم تحديد فترة 20 عاماً للعقوبة الأولى و25 عاماً للثانية). ما يصل إلى آذان السجناء ليس من فراغ، بل ينقله إليهم متابعون يتواصلون مع القوى السياسيّة، أبرزهم هيئة علماء المسلمين التي سبق أن زارت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والمولوي لتستحصل منهما على وعدٍ بإمكانية تمرير قانون يخفف من أزمة اكتظاظ السجون. إلا أن المشايخ سرعان ما اصطدموا بطرح المولوي استثناء المحكومين بالإعدام والمؤبد (الإبقاء على السنة السجنية الفعلية 12 شهراً)، ما يعني أن معظم السجناء الإسلاميين البالغ عددهم 500 (أقل من نصفهم لبنانيون) لن يستفيدوا من اقتراح القانون.
مع ذلك، وُعِد أعضاء «الهيئة» بتمرير مشروع المولوي اليوم، ولو أن البعض كالشيخ سالم الرافعي يعتبر أن «لا مصلحة لنا بإقراره» فيما يرى الشيخ نبيل رحيم إلى أنّ «إقراره مع مساوئه أفضل من لا شيء». والوعود نفسها التي سمعها رئيس جمعية لجان أهالي الموقوفين دمّر المقداد الذي جال مع أعضاء الجمعية على مرجعيات سياسية أخيراً.
الرافعي ورحيم، وفق ما يقولان لـ«الأخبار»، ينتظران إقرار الاقتراح في جلسة اليوم ليبنيا على الشيء مقتضاه. يلفت رحيم إلى أن «المعطيات المتداولة تشي بأن الاقتراح لن يتم التصويت عليه كما هو، بل ستطرأ عليه تعديلات تلبّي مطالبنا». وتؤكد نائبة رئيس جمعية لجان أهالي الموقوفين رائدة الصلح «أنّ كل من زرناهم وعدونا بالضغط لإقرار القانون بشكلٍ منصف، خصوصاً أننا شرحنا لهم أوضاع السجون وما يعانيه السجناء بما خص الاكتظاظ وتفشي الأمراض وفقدان الأدوية وعدم قدرة الأهالي على دفع تكاليف العلاج».
رغم كل هذه الآمال، لا تبدو القوى السياسيّة مهتمّة أصلاً بهذه القضيّة، بدليل أن اقتراح المولوي غير مدرج على جدول أعمال الهيئة اليوم، بعكس الوعود التي أُعطيت للمتابعين. ويؤكّد الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر لـ«الأخبار» أنّ الاقتراح موجود في الأمانة العامّة ولن يُطرح في الهيئة بل ستتم إحالته في أقرب وقت إلى اللجان المتخصصة وتحديداً لجنة الإدارة والعدل. كما حسم رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية ميشال موسى عدم طرح الاقتراح اليوم من خارج جدول الأعمال، علماً أنّ أهالي السجناء تداعوا إلى اعتصام أمام مجلس النواب بالتزامن مع انعقاد الهيئة العامّة.
نص صيغة القانون
وفي وقت يؤكّد المتابعون أنّ لا شيء «تحت سماء» البرلمان سيحصل، فإنّ هناك من يلفت إلى إمكانيّة تمرير القانون بعد سحبه من الأمانة العامّة إلى الهيئة بصفة المعجّل المكرّر بناء لطلب أحد النواب، وبعد موافقة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليتم التصويت على صفة العجلة قبل مناقشته. وهنا، تختلف الروايات بين من يقول إنّه لن ينال الأكثرية اللازمة فتتم إحالته إلى لجنة الإدارة والعدل، ومن يشيع بأن بعض المقربين من بري اشترطوا لتمريره في الهيئة عدم تسريبه كي لا يكون التيار الوطني الحر متحضراً لإسقاطه سلفاً، فيما يؤكد البعض الآخر أن «التيار» تعهّد أمام من يعنيهم الأمر بمشاركة عدد ضئيل من نوابه وانسحاب آخرين للمحافظة على النصاب وتمرير الاقتراح من دون أن يتحمّل مسؤوليته أمام جمهوره، مقابل تنازلات في إدخال تعديلات على قانون سريّة المصارف، وإن كان بعض المتابعين يستبعدون الأمر باعتبار أن قانون سريّة المصارف أكبر من إخضاعه للمساومة مع اقتراح قانون تخفيض السنة السجنيّة.
وفي كل الأحوال، فإنّ إضفاء صفة العجلة على اقتراح القانون لن يُغيّر شيئاً لأنه لن يقر كما تقدّم به المولوي، ولكن توضح المصادر المعنيّة أنّ القرار سيكون بتشكيل لجنة مصغّرة تتضمّن ممثلين عن القوى السياسيّة – الطائفيّة للاتفاق على الصيغة النهائية للاقتراح الذي سينص على:
– خفض السنة السجنيّة إلى 6 أشهر لجميع المحكومين باستثناء المحكومين بقضايا اغتصاب.
– تحديد عقوبة المؤبد بـ20 عاماً والإعدام بـ25 عاماً. وهنا سيكون النقاش في إمكانية خفض السنة السجنية لهؤلاء، فيما ترفض بعض القوى السياسية مبدأ الخفض.
– إصدار توصية لمجلس القضاء الأعلى بضرورة التزام القضاة حرفياً بنصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية بهدف إخلاء سبيل الموقوفين في جنح الحق العام قبل مضي 6 أشهر، وجنايات الحق العام قبل مضي سنة، باستثناء من يكون ملاحقاً بأكثر من دعوى بالتهمة نفسها (تكرار أكثر من دعويين) فتتضاعف عقوبته، على أن يُترك للقاضي تقدير مدّة التوقيف للمتهمين بجرائم قتل وتأليف عصابات مسلّحة وخطف.
– الإعفاء من 90% من الغرامات بما فيها الجزائية (منها محاضر مخالفات السير) لمرّة واحدة فقط.