كتب داني الأمين في “الأخبار”:
لم تنجح الحلول التي لجأت إليها بعض البلديات الجنوبية الحدودية، بالتعاون مع الجهات المانحة ومساعدة المغتربين، لحلّ مشكلة شحّ المياه. حفر عدد من الآبار الارتوازية وتأمين الطاقة الشمسية لعدد منها لم يحقّقا النتيجة المرجوّة، «فالطاقة الشمسية لم تستفد منها إلا بلدات قليلة، ووجود عشرات الآبار الارتوازية من دون تأمين الطاقة الكهربائية جعلها من دون فائدة» بحسب أحد الموظفين في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، الذي يؤكد أن «انقطاع المياه عن القرى الحدودية خلال هذه السنة لم يسبق له مثيل، منذ عام 1983». ويلفت إلى أن «معظم الأهالي اشتروا المياه بكلفة عالية جداً، لأن أصحاب الصهاريج والجرّارات الزراعية باتوا يطلبون بدلات مرتفعة جداً لا تتناسب مع مداخيل الأهالي المتدنّية، بسبب ارتفاع ثمن المازوت».
منذ ثلاثة أشهر، تشهد بلدة مركبا، التي تبعد مئات الأمتار عن برك تجميع المياه في مشروع مياه بلدة الطيبة المجاورة، أزمة مياه. يلفت أبو حسن عطوي إلى أن «كلّ أسرة في البلدة تتكبد شهرياً ما لا يقل عن 7 ملايين ليرة لشراء حاجتها من المياه». ووفق عطوي «تفاقمت المشكلة في الأسابيع الأخيرة لأن برك المياه في بلدة الطيبة أصبحت فارغة، ولا تضخّ المياه إليها إلا لساعات قليلة، ما اضطرّ الأهالي الى شراء المياه من صاحب بئر ارتوازية في بلدة كفركلا، التي تبعد أكثر من 10 كلم عن مركبا، ليصل بدل نقلة المياه الصغيرة، التي لا تسدّ حاجة أسرة واحدة ليومين أو ثلاثة أيام، إلى 800 ألف ليرة». أكثر من ذلك «بات الأهالي يحجزون دوراً لهم عند أصحاب الصهاريج، وقد يطول الانتظار ليومين أو ثلاثة، ما أدى الى دفع عدد من العائلات التي تقيم صيفاً في البلدة إلى ترك منازلها والعودة باكراً إلى بيروت».
ويشير علي شهلا إلى أن «عدداً من الأهالي كانوا يستفيدون من مياه آبار منازل المغتربين والنازحين التي باتت فارغة، لذلك بدأوا يشترون المياه من البلدات البعيدة، ورغم متابعتنا الدائمة مع الموظفين في مؤسسة المياه، لم نصل الى أي حل، علماً أنهم كانوا يحيلون المشكلة إلى انقطاع التيار الكهربائي، وعند تأمينه يحيلون المشكلة إلى تعطل مضخات المياه». ويؤكد أن جزءاً من المشكلة هو «عدم تلبية الموظفين لنداء الأهالي، وإصلاح الأعطال وفتح أقفال المياه للتهرّب من كلفة النقل».
في هذا السياق، يؤكد مصدر بلدي أن «اتحادَيْ بلديات بنت جبيل وجبل عامل يؤمّنان بدلات نقل لموظفي مؤسسة المياه عند الطلب إليهم إصلاح الأعطال، لكن رغم ذلك لم تتم معالجة المشاكل، فالموظفون بسبب تدنّي رواتبهم باتوا يعتمدون على المساعدات التي تصلهم من الأغنياء لقاء تأمين المياه، وعندما يطلب منهم تصليح عطل أو فتح أقفال المياه إلى الأحياء الفقيرة يغفلون الأمر أو يتذرّعون بحجج واهية، حتى إن البلديات طلبت من أصحاب المنازل التي لم تصل إليها المياه بسبب الأعطال المستمرة، مدّ أنابيب مياه على حسابهم الخاص، فأحد أبناء المنطقة اضطرّ الى دفع ما يزيد على 10 ملايين ليرة لتأمين المياه إلى منزله».