وصلت مفاوضات ترسيم الحدود إلى خواتيمها على ما يبدو، وما هي إلّا أمتار قليلة تفصل لبنان وإسرائيل عن توقيع الاتّفاق الذي أرسل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين صيغته النهائية إلى الطرفين، في حال لم يطرأ جديدٌ على صعيد تل أبيب في ظلّ المعارضة التي يلقاها الاتّفاق من قبل المعارضة التي يتزعمها بنيامين نتنياهو. وفي سياق الاتفاق، فإنّ حقل قانا سيكون من حصّة لبنان، فيما سيذهب حقل كاريش إلى إسرائيل.
حقل قانا جاف؟
إلّا أنّ الصحافة الإسرائيلية ذكرت معلومات خطيرة عن حقل قانا، مفادها عدم وجود كميات كبيرة من الثروات الغازية فيه. وفي التفاصيل، نقلت صحيفة “تايمس أوف إسرائيل” أنّ مدير وزارة الطاقة الإسرائيلية أعلم الوزراء في اجتماع مجلس الوزراء الأمني (الكابينيت) يوم الخميس أنّ “التقديرات المتعلّقة بكمية الغاز الطبيعي التي يمكن استخراجها من هذا الحقل كانت أقلّ بكثير مما كان يُعتقد في البداية”.
ولفت المدير العام، ليئور شيلات، إلى أنّ “تقديرات مكتبه وشركة النفط Total Energies، التي تمتلك امتياز التنقيب عن الغاز في حقل قانا، تُشير إلى أنّ الربح المحتمل من المنطقة المعنية يبلغ ثلاثة مليارات دولار فقط”، حسبما أفاد موقع “والا” الإخباري نقلاً عن أربعة مسؤولين حضروا اجتماع مجلس الوزراء.
وبحسب القناة 13، قال شيلات للوزراء، “من المحتمل أيضاً أن يكون قانا جافاً تماماً”.
تقاسم أرباح الحقل بين لبنان وإسرائيل
ويُذكر أنّ الرقم المعروض أقل بكثير من التقديرات الأخرى المنشورة في وسائل الإعلام. فقد قدّر موقع The Marker business الأرباح المحتملة عند نحو 20 مليار دولار. وإذا تمّ العثور على الغاز في الحقل، فسيتمّ تقسيم الأرباح بين إسرائيل ولبنان وتوتال إنرجي. وأوضح شيلات أنّ “إسرائيل لن تتمكن من معرفة الأرقام الدقيقة حتى يبدأ الحفر في الموقع”، وفق ما نقلت الصحيفة العبرية نفسها.
كما قال وزيران حاضران في اجتماع مجلس الوزراء لـ “والا” إن تقدير الأرباح المحتملة كان أقل مما وافقت إسرائيل على تلقيه في الجولات السابقة، فيما أشار أحد الوزراء إلى أن الحديث يجري حول أرباح قد لا نراها لمدة خمس سنوات.
وقد تكون هذه التقديرات السبب في تراجع إسرائيل عن مطالباته بالحقل.
ما حقيقة التقديرات الإسرائيلية؟
الخبير النفطي الدولي وأمين سر بعثة لبنان إلى مجلس الطاقة العالمية رودي بارودي يُشير إلى أنّ “لا جهة تعلم حجم الثروة في مكمن قانا قبل بدء عمليات التنقيب، ورغم وجود التقديرات، إلّا أنّها ليست دقيقة، ولا يمكن تحديد أرقام مؤكّدة قبل وصول الشركة المنقّبة وإطلاق العملية”، نافياً قدرة أيّ طرف على تأكيد الكمية من خلال التقديرات.
وفي حديث لجريدة “النهار”، يلفت بارودي إلى أنّ “تقديرات حقل كاريش فقط تُشير إلى وجود عائدات تقدّر بـ16 مليار دولار، وقد يزيد المبلغ في حال وُجدت كميات إضافية شمال، جنوب، شرق أو غرب المكمن، أثناء عمليات التنقيب”.
أمّا وعن العملية وموعد بدء الاستفادة من الثروة، يقول بارودي إنّ “الشركات المنقّبة تستقدم آلياتها وحفّاراتها بعد الانتهاء من عملية ترسيم الحدود والاتفاق على الخطوط، وتحتاج عملية الاستكشاف والحفر إلى ما بين شهر وستّة أشهر، وفي حال وّجدت الكميات التجارية، فحينها تستقدم الشركات منصّات الاستخراج”.
وفي هذا السياق، يُضيف بارودي، “بتقديري، سيكون لبنان قادراً على استخراج الغاز في فترة تمتدّ حتى الـ36 شهراً، وفي حال وُجدت الكميات المطلوبة وأصدرت الشركة المنقّبة بياناً أعلنت فيه الكمية الموجودة، فذلك يعني وكأنّ هذه الكميات تُرجمت لأموال في حسابات الدولة مباشرةً، إلّا أنّ الوصول إلى تلك المرحلة، يستدعي قيام الدولة بالإصلاحات، لأنّ الشركات تتخوّف من التعامل مع دول ينخرها الفساد”.
وشدّد على أنّ “الإصلاحات يجب أن تشمل مختلف القطاعات، لاسيّما قطاعات القضاء، المالية والطاقة والغاز، كما أنّ من المفترض أن تؤمّن الدول كافة مستلزماتها، لأنّ الشركة التي ستنقّب ستتعامل مع عدد من الوزارات، ولا يجوز أن تفتقد هذه المرافق العامة الضروريات”.
النهار