بحسب تصاريح وزير الاتصالات جوني القرم الإعلامية فإن الإيرادات من قطاع الخليوي بعد الموافقة على زيادة أسعار الخدمات التي أقرتها الحكومة في جلستها في 21 أيار الماضي، ستصل في نهاية عام 2022 الى نحو 360 مليون دولار، أي ما يوازي نحو 10 آلاف و100 مليار ليرة (سعر صرف الدولار على منصة “صيرفة” 28 الفا).
لكن بالاستناد إلى ارقام مشروع قانون موازنة 2022 فإن الايرادات الصافية لشركتي الخليوي لتغذية الخزينة مقدرة بـ 1680 مليار ليرة فقط (الصفحة 6/478)، البند 267. وتاليا فإن نسبة الايرادات الصافية لتغذية الخزينة من مجمل الايرادات الخام لشركتي الخليوي لن تتعدى حدود الـ 16% وهي الأدنى منذ 2010. إذ خلال السنوات الماضية (2010-2018) راوحت نسبة الايرادات الصافية من الايرادات الخام ما بين 79.5% (2010) و57.5% (2018) مرورا بنِسب بين 77 و64% خلال السنوات المتبقية!
فمن البديهي، بعدما أقرت الحكومة ووزارة الإتصالات رفع تعرفات خدمات الهاتف الخليوي وربط احتساب الفواتير الشهرية للمشتركين بمنصة “صيرفة” التي قفزت أخيرا تسعيرتها الى 29.300، أن ترتفع إيرادات الخليوي بشكل كبير. بيد أن من الواضح من أرقام الموازنة، وفق ما تقول مصادر متابعة “أن نفقات الخليوي سواء كانت تشغيلية (opex) أو إستثمارية (capex) ستبقى “الصندوق الأسود” الذي يبدو أن لا أحد من المسؤولين يريد التخلي عنه أو إغلاقه، لا بل يتكاتفون على إخفاء وتضييع كيفية صرف هذه النفقات، فيتم الإنفاق مباشرة من الايرادات الخام لشركتي الخليوي، ثم يتم تحويل المبالغ القليلة المتبقية الى الخزينة العامة بما لا يشكل أكثر من 16% من الإيرادات الخام عام 2022″.
وتعتبر المصادر عبر “النهار” أن انهيار سعر صرف الليرة لا يبرر هذا الإنخفاض الكبير مقارنة مع الاعوام السابقة للأزمة، كون:
– أسعار خدمات الخليوي ارتفعت بشكل كبير وتم ربطها بمنصة “صيرفة”.
– بحسب قول الوزير تم إلغاء جميع النفقات الريعية.
– بحسب قول الوزير ايضا لا وجود لمصاريف إستثمارية جديدة خلال الفترة المقبلة.
– بحسب قول الوزير ايضا وايضا جرى خفض المصاريف التشغيلية الى الحد الادنى.
وترى المصادر أنه بغية تحقيق الشفافية في مناقشة ايرادات الموازنة تجاه الشعب ال#لبناني الممثل بمجلس النواب، “يفترض أن يقوم وزير الاتصالات بتزويد النواب بمجمل الإيرادات الخام لقطاع الخليوي، ومما تتكون منه هذه الايرادات، وأن يبين بشكل واضح وشفاف ومبوّب الايرادات الناتجة عن فواتير المشتركين في الخطوط الخليوية الثابتة، والمشتركين في الخطوط الخليوية المسبقة الدفع، وايرادات خطوط الانترنت، وايرادات الـ mvno مع شركات الـ ISPs، كما الايرادات المحققة بالدولار الاميركي من خدمات Roaming الى A2P وخدمات التخابر الدولي، والايرادات الخام لخدمات القيمة المضافة وكيفية توزيعها بين مختلف الأفرقاء المعنيين، وغيرها من تفاصيل الايرادات الخام، بما فيها أيضا ايرادات الفواتير المحصلة عن طريق شركة Areeba. كما أنه يجب على الوزير قرم أن يرفق بهذه الجداول مشروع موازنة شركة “تاتش” لعام 2022 ومشروع موازنة شركة “ألفا” لعام 2022 الذين سبق له أن أقرهما في بداية عام 2022 والذي يتم على أساسهما الإنفاق في شركتي الخليوي منذ بداية العام 2022 لغاية اليوم، والتعديلات التي تم إدخالها خلال الأشهر التسعة الفائتة. كما أن من الضروري، بهدف التمكن من إجراء المقارنة بعد رفع الأسعار وزيادة تعرفات الخدمات، أن يقدم وزير الاتصالات للنواب موازنتي الشركتين للعام الفائت 2021، اضافة الى موازنات إنفاق الشركتين الخليويتين (تحت مصاريف تشغيلية ومصاريف رأسمالية opex وcapex) للعام 2022، بما من شأنه أن يسمح للنواب بدراسة وتحليل التطور الذي حدث بعد استرجاع القطاع من جهة، وبعد زيادة التعرفة من جهة أخرى، والذي يتيح للنواب اتخاذ القرار المناسب بناء على هذه المعطيات”.
ووفق المصادر عينها، “يفترض بوزير الاتصالات، عملا بمبدأ “وحدة وتناسق الموازنة”، وبعد استرجاع عقدَي التشغيل والإدارة من قِبل الدولة، أن يزود مجلس النواب ولجنة المال والموازنة النيابية بمشاريع الموازنات التفصيلية لشركتي الخليوي لعام 2022 وذلك عملا بقانون المحاسبة العمومية وقانون إعداد الموازنة العامة ومبدأ تناسق ووحدة الموازنة. فمن الملزم قانونا أن يعرض الوزير نفقات شركتي الخليوي وفق نموذج: الجزء الأول (النفقات الجارية والرواتب والـ opex)، والجزء الثاني: النفقات الاستثمارية والتوظيفات والإنشاءات (capex)”.
وتؤكد المصادر انه “لم يعد مقبولا بعد كل الذي حصل في قطاع الخليوي من هدر للمال العام الموثق بالتقرير الخاص لديوان المحاسبة الصادر في شهر نيسان الفائت، وبعد كل المداخلات في مجلس النواب طوال عامي 2019 و2020، ان يكون هناك بند واحد في الموازنة عن شركتي الخليوي وأن يُطلب من النواب المصادقة عليها على “العمياني”. وتاليا ولا يجوز مطلقا أن يمر البند المتعلق بايرادات ونفقات شركتي الخليوي على هذا النحو، مرور الكرام، وإلا فإن ذلك يشكل فضيحة إضافية أمام المؤسسات الدولية التي تطلب إصلاحات في مشروع الموازنة والتي أكد عليها الرئيس نبيه بري مرارا. كما يجعل من تقرير ديوان المحاسبة في هذا الشأن كأنه صرخة في الفراغ”. وتكشف المصادر أن “ثمة قطبة مخفية وردت خلسة في مشروع الموازنة للعام 2022 بشأن الخليوي تتعلق بإلغاء المادة 36 التي كانت واردة في قانون موازنة 2020 والتي كانت تفرض رقابة على الانفاق من ايرادات الخليوي”، مع التأكيد “أن إلغاء هذه المادة يعارض من جهة نوايا الإصلاحات التي يطالب بها النواب من جهة وفي مقدمهم الرئيس بري، ويحول أيضا دون ممارسة اي نوع من أنواع الرقابة والتدقيق على صرف المال العام في شركتي الخليوي من جهة أخرى. وهذا الأمر ليس مقبولا في الوضع السياسي والاقتصادي والمالي والنقدي والمصرفي (آخرها حوادث الأمس) والإجتماعي والمعيشي والصحي والتربوي القائم حاليا في لبنان، ولا يتوافق مطلقا مع نوايا التعاون مع المؤسسات المالية الدولية لمساعدة لبنان. وتاليا يجب إعادة إدخال المادة 36 على قانون موازنة عام 2022 والإبقاء عليها في كل مشاريع قوانين الموازنات للسنوات اللاحقة للسماح برقابة مسبقة من قبل ديوان المحاسبة على تنفيذ وتطبيق موازنات شركتي الخليوي والإنفاق على أساسها!
البريد و”ليبان بوست”؟
أما في بند ايرادات وزارة الإتصالات فقد لاحظت المصادر أن “الإيرادات من خدمات البريد هي صفر، علما أن المديرية العامة للبريد تتقاضى حصة مئوية من الايرادات الخام لشركة ليبان بوست”، وسألت: “لماذا تم تقدير هذه الايرادات صفرا؟ ولماذا لا تظهر الأموال التي تدفعها ليبان بوست كحصة الوزارة في مشروع قانون الموازنة في بند المديرية العامة للبريد؟”.
واعتبرت المصادر أن ملف “ليبان بوست” والبريد في مرحلته الحالية “يشكل واحدة من أكبر الفضائح المالية، ولهذا السبب يحاولون بكل ما أوتوا من نفوذ إبعاده عن الأضواء وعدم لفت النظر والإنتباه إليه وعدم زجّه في مناقشات الموازنة”.