كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
أدّى عدم اكتمال نصاب جلسة مناقشة الموازنة العامة للعام 2022 والتي كانت مقرّرة أمس، إلى عدم انطلاق الجلسة وتأجيلها إلى العاشرة والنصف من قبل ظهر اليوم، وفق ما أعلن الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر بعد انتظار دام لنحو 45 دقيقة بعد الموعد الرسمي للجلسة، حيث لم يتجاوز عدد النواب الذين وصلوا إلى ساحة النجمة الـ58 نائباً، وبالتالي كانت الجلسة بحاجة لحضور سبعة نواب إضافيين ليتأمن النصاب القانوني لها وهو 65 نائباً.
وما حصل أمس دفع إلى طرح السؤال عمّا إذا كان هذا الأمر، أي لعبة النصاب، هو بمثابة بروفا للجلسات المنتظرة ما بعد الموازنة لانتخاب رئيس الجمهورية؟ علماً أن السبب أو الحجة التي أدت إلى عدم اكتمال النصاب أمس لا تصلح، وفق مصادر نيابية، لاستخدامها في تعطيل جلسات الإنتخاب وبالتالي فماذا ستكون المبررات أو الحجج التي سيتم اعتمادها في المقبل من الأيام؟
والملفت في غياب أو تعطيل النصاب أمس هو غياب كتل ربما من الصعب إذا لم يكن من المستحيل أن تلتقي في موضوع الإستحقاق الرئاسي إلا إذا حصلت «معجزة» تكرر تجربة العام 2016 ، فالذين تغيّبوا أمس هم نواب كتل «القوات اللبنانية»، «الكتائب»، «التيار الوطني الحر»، «تجدد» وكتلة «المردة» والنائب فريد الخازن و»وطن الإنسان»، بمعنى أن الغياب كان شبه إجماع مسيحي باستثناء البعض ومنهم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي كان له تصريح لافت بعد الجلسة أعلن فيه رفضه مقاطعة مجلس النواب، وتمنّيه على الرئيس بري تأجيل الجلسة، داعياً إلى إبعاد التجاذبات السياسية عن عمل المؤسسات الدستورية ومعالجة موضوع التعامل مع مناسبات إحياء ذكرى الشهداء لدى جميع الأطراف، فهناك الرئيس رينيه معوض والرئيس رشيد كرامي وفي العام 2017 عقد مجلس الوزراء جلسة له في 14 أيلول وكان مشاركاً فيها بعض الزملاء النواب الذين قاطعوا جلسة اليوم ولم يكن هناك من مشكلة أو أزمة.
وبمعزل عن التصريحات والمواقف التي أطلقت بعيد إعلان تأجيل الجلسة وفي فترة الإنتظار ولا سيما من نواب «التغيير» الذين كانوا قد حضروا بغالبيتهم إلى ساحة النجمة ووجهوا تمنيات ودعوات لرئيس مجلس النواب نبيه بري لتأجيل الجلسة، فإنه لم يسجّل أيّ إتصالات أو تواصل يُذكر باستثناء اللقاء الذي جمع الرئيسين بري ونجيب ميقاتي في مكتب رئيس المجلس وتخلله نقاش في بعض بنود الموازنة.
وقد سبق أن اتّصل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بالرئيس بري بعد الدعوة وتحديد موعد الجلسة متمنياً عليه التأجيل، فكان أن تجاوب بري مع التمني لجهة الإبقاء على فترة قبل الظهر وعدم عقد جلسة في الفترة المسائية، لكن يبدو أن الحسابات الرئاسية قد طغت على المشهد وعطلت النصاب.
وقبل العودة إلى الموازنة ومصيرها المجهول أو المهدّد وفق قراءة بعض النواب، لا بد من التوقف أمام تصريحات ومواقف وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض الذي حضر وبعض الوزراء إلى ساحة النجمة، حيث لم يستطع أن يُحدّد موعداً لحل أزمة العتمة التي تعيشها غالبية المناطق اللبنانية كما نقل عنه أحد النواب أن زوجته إتصلت به وأبلغته عدم وجود كهرباء لديها في المنزل، وهكذا تساوى وزير الطاقة مع المواطنين.
تبقى الإشارة إلى أن مصير الموازنة قد يصبح مهدداً في حال إستمر النكد السياسي وتقاذف المسؤولية بين أطراف السلطة، ولا سيما أن عدد الكتل والنواب الذين قد يصوتون ضدها يزداد يوماً بعد يوم ومنهم على سبيل المثال لا الحصر النائب حسن مراد وغيره من النواب الذين يرون أن العمل يجب أن يتركز على خطة التعافي وبرنامج الإصلاح وموازنة العام 2023 طالما أننا أصبحنا في نهاية السنة.