كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:
استفاقت شياطين التهديدات الأمنية في لبنان، وسط تفلّت أمني ـ اجتماعي، وتفلّت آخر له علاقة بتنظيمات إرهابية أو متطرفة.
وعملت الأجهزة الأمنية اللبنانية، أخيراً، على اعتقال عدد من الموقوفين المتهمين بتشكيل خلايا أمنية تخطط لاستهداف الجيش اللبناني، كما حصل في منطقة القرعون بالبقاع الغربي قبل أيام. وليست هذه الأحداث الأمنية بالأمر البسيط، ربطاً بمخاوف لبنانية مما ستحمله المرحلة المقبلة من مخاطر، على وقع أزمات اجتماعية ومالية، وأزمات سياسية ودستورية، إضافة إلى إثارة ملف إعادة اللاجئين السوريين والضغط على المجتمعين العربي والدولي من قبل الحكومة لإعادتهم. هذا الضغط سيكون له انعكاس في ممارسة ضغوط مكثفة على اللاجئين في المخيمات لدفعهم إلى العودة.
ثمّة مَن يعتبر أن الغاية اللبنانية وراء ذلك ترتبط باستدراج اهتمام دولي بالساحة اللبنانية والسعي للحصول على مساعدات مالية، وإعادة إدراج لبنان على سكة الاهتمام الدولي.
في المقابل، خيّم شبح التفلت الأمني الاجتماعي على عاصمة الشمال طرابلس التي شهدت عملية سطو على محل لبيع الهواتف، مما أدى إلى سقوط 4 قتلى، لم يُعرف بعد إذا ما كانت الجريمة مرتبطة بهدف السرقة فقط، أم بمحاولات لإعادة خلق إشكالات أمنية لها أهداف سياسية.
كل ما يجري يدفع اللبنانيين إلى التخوف أكثر مما ستحمله الأيام المقبلة، على وقع خلافات سياسية ودستورية تنذر بمراحل خطيرة أو باللجوء إلى الشارع لاستعراض القوى ولتثبيت وقائع سياسية مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي، وسط معلومات تفيد بأن التيار الوطني الحرّ الموالي لرئيس الجمهورية يدرس خيارات متعددة، من بينها النزول إلى الشارع لمواجهة خصوم العهد، خصوصاً إذا لم تتشكل حكومة جديدة، فذلك سيؤدي إلى أزمة كبرى في البلاد، لا سيما أن رئيس الجمهورية ميشال عون يتّهم الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بأنهما لا يريدان تشكيل الحكومة للسيطرة على صلاحياته الرئاسية من قبل حكومة تصريف الأعمال، وهذا ما يرفضه عون بشكل قاطع، ويدرس خيارات التعاطي معه.
على وقع هذه الأزمات، لم تحمل زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان أي جديد، باستثناء إشاعة الأجواء الإيجابية وتحقيق تقدّم مرتبط بالملف، معبّراً عن تفاؤله بإمكانية الوصول إلى حلّ قريب، لكن النقاط التي أثيرت في الاجتماع، وخصوصاً تلك المرتبطة بترسيم الخط الأزرق البحري تدفع اللبنانيين إلى التخوف من مماطلة جديدة، أو من محاولات لفصل الترسيم البري عن البحري، علماً بأن لبنان كان يتمسك سابقاً بتلازم مسارَي الترسيم مع بعضهما البعض.
ووفق ما تقول مصادر لبنانية، فإن إسرائيل لا تريد ارتباط مسارَي الترسيم البحري مع البري، لأن ذلك سيكون له تأثير مستقبلاً على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، خصوصاً أنه في حال تم تثبيت نقطة انطلاق خط الترسيم البحري بالارتكاز على آخر نقطة برية في رأس الناقورة والمعروفة بنقطة b1، فإن ذلك سيؤثر سلباً على إسرائيل في الترسيم البري لاحقاً، بينما لبنان لا يمكن بالنسبة إليه التنازل عن هذه النقطة. وهنا تقول مصادر متابعة إن الأمر يرتبط بكسب الوقت، ولكن عندما تحين اللحظة المناسبة يمكن الاتفاق على كل هذه التفاصيل، فيما هناك مَن يعبّر عن خشيته من أن مثل هذه الاتفاقات لا تأتي إلى بعد مناوشات أمنية.