جاء في “نداء الوطن”:
كل مصائب لبنان التي تسبّبت فيها الطبقة السياسية بقديمها وجديدها، يرمون بثقلها وتبعاتها واعبائها على المؤسسة العسكرية، ويكاد لا يحصل امر ما الا وتتجّند ذات المجموعة الحاكمة بتناقضاتها وصراعاتها، وتتوحد في مطالبة الجيش بالقيام بواجباته في حماية الاستقرار والسلم الاهلي، بينما هم انفسهم يستمّرون باستباحة كل الخطوط الحمر الطائفية والمذهبية، ويرتكبون كل انواع الموبقات و”على عينك يا تاجر”.
وايضاً، كل القيادات السياسية وغير السياسية يعلمون، لا بل ابلغوا بذلك في الاجتماعات واللقاءات، بأن “الجيش تعب ولن يستطيع تحمّل أعباء جديدة، وإذا تفاقمت الازمة الى درجة اصبح فيها في موقف مطالب فيه الحفاظ على المؤسسة، على هذه القيادات ان تطرح في حينه على نفسها سؤالاً يجب ان يظل ماثلاً في اذهانها ومفاده: ماذا لو اخذت القيادة العسكرية قراراً بسحب الجيش الى الثكنات والابقاء على مهمّة حماية الحدود”؟
فمع وقوع حادثة انفجار خزان الوقود في بلدة التليل العكارية ليل 14 – 15 الحالي، انبرت الابواق، صراحة او مواربة، الى محاولة تحميل الجيش المسؤولية، وهو الذي امتلك جرأة وضع سقف زمني لانجاز التحقيقات، وهذا ما حصل بالفعل، اذ انجزها في زمن قياسي، ولكن ليس من مسؤوليته اعلان نتائجها، إذ علمت “نداء الوطن” من مصدر مطلع انه “على اثر حادثة التليل، باشرت مديرية المخابرات تحقيقاتها وتمكّنت بعد يومين من وقوع الحادثة من كشف خيوطها وملابساتها، اذ تبين ان سبب الانفجار هو اقدام المدعو (ج.أ.أ) على اشعال البنزين المتسرّب من الخزانين ما ادى الى اشتعال البقعة بشكل سريع بمن فيها، نظراً لكون البنزين قد غطّى غالبيتها جرّاء الحشد الكبير الذي سبّبه ابناء المنطقة الذين تهافتوا للاستحصال على مادة البنزين ومن غير ان يمتثلوا لاوامر الجيش الذي كان يشرف على البقعة”.
ووفق المعلومات “فان المحققين عمدوا الى السير في تحقيقين متوازيين: التحقيق الاول امني، ركّز على جمع المعلومات واستجواب الاشخاص، والتحقيق الثاني تقني، لتحديد سبب الاشتعال وحصول الانفجار، وبعد سماع افادات 17 شخصاً ودراسة مسرح الانفجار، لا سيما خزاني الوقود، استطاع المحققون والخبراء من مديرية المخابرات تثبيت الحقائق الآتية:
اولاً: تورط المدعو (ج.أ.أ) في اشعال مادة البنزين بواسطة ولّاعة مما تسبب بحصول الانفجار في احد الخزانين.
ثانياً: لم يحصل الانفجار جراء اطلاق النار، لانه ثبت علمياً ان الفتحات الاربع التي عثر عليها في سقف الخزان المنفجر ليست ناتجة عن طلقات نارية، انما نتيجة التمدّد الذي سبّبه الانفجار، ما ادى الى انسلاخ التلحيم الذي كان يثبّت القضبان الحديدية الموجودة في سقف الخزان من الداخل، ولم يعثر على أثر طلقات داخل الخزان من الجهات كافة، كما لم يعثر على الطلقات داخل الخزان او في محيطه، ولم يعثر قرب الخزان وفي محيطه على المظاريف الفارغة.
ثالثاً: كل التصريحات والمقابلات والمعطيات التي جرى نشرها وتداولها عبر وسائط التواصل الاجتماعي تفتقد للدقة والموضوعية.
وبناء على هذه النتائج من التحقيقات، ادّعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي، على ثلاثة أشخاص بالتسبّب بانفجار خزان الوقود في بلدة التليل في عكار، الذي أدى إلى مقتل عدد من العسكريين والمدنيين وإصابة العشرات. وأسند عقيقي إلى كل من الموقوفين جورج إبراهيم، وعلي صبحي فرج إقدامهما على “تخزين مواد ملتهبة بشكل غير آمن، رغم علمهما بخطورة عملهما، وتوقّع النتيجة وتعريض حياة المواطنين للخطر، والتسبّب بقتل 31 عسكرياً ومدنياً. كما أسند إلى المدّعى عليه الموقوف جرجي الياس إبراهيم “إقدامه على إشعال الحريق”.
وجاء الادّعاء على الأول والثاني سنداً للمواد 547 معطوفة على المادة 189 من قانون العقوبات والمادة 547 معطوفة على المادة 201 من القانون نفسه، اللتين تنصّان على الأشغال الشاقة الموقتة، أما الادّعاء على جرجي إبراهيم فجاء بالاستناد إلى المادة 591 معطوفة على المادة 587 من قانون العقوبات التي تنص على الأشغال الشاقة المؤبدة، وأحالهم جميعاً على قاضي التحقيق العسكري الأول بالوكالة القاضي فادي صوان، طالباً استجوابهم وإصدار مذكرات توقيف وجاهية بحقهم.مرفأ بيروت
اما في ما يتعلق بانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب، فيقول المصدر انه “وامام هول الكارثة، لم يتهيّب الجيش تحمّل مسؤولياته على كل الصعد بعدما وضعت منطقة المرفأ ومحيطها في عهدة وامرة الجيش، وقام بتنفيذ مهامه على اكمل وجه، حتى انه في تواريخ مختلفة من العام الحالي تم توقيف اشخاص داخل المرفأ، ومنهم توقيف شخص يقوم بسرقة قطع غيار سيارات من السيارات المستوردة، وتوقيف عصابة تتألف من 3 اشخاص تقوم بعمليات سرقة عدة صناعية ومشروبات روحية، وتوقيف مهندس لاقدامه على تعطيل وتخريب رافعة (STS) لتفريغ المستوعبات من البواخر، وتوقيف 3 اشخاص يقومون بتغيير ملصقات عن براميل تحتوي على مواد كيميائية بهدف تغيير اسمها الكيميائي لاخذ الموافقة لنقلها برسم الترانزيت الى سوريا، كون الاسم الكيميائي الحقيقي للمواد التي بداخل البراميل يمنع ادخالها الى سوريا، توقيف شخصين لاقدامهما على التلاعب بمواصفات سيارات بالاشتراك مع كشافين جمركيين، وتحويل محركاتها من مازوت الى بنزين للتمكّن من ادخالها الى البلد، وتم ضبط عشرات المحاولات لتهريب البضائع من مرفأ بيروت بهدف التهرّب من الرسوم، وتم توقيف عدد من شحنات المخدرات المصدّرة الى الخارج من قبل شعبة مكافحة المخدرات في مديرية الجمارك بالتنسيق مع مديرية المخابرات، وكل الموقوفين سلموا مع الملفات الى القضاء المختص”.
حادثة خلدة
ويوضح المصدر ان “الجيش اللبناني يواصل المداهمات في محلة خلدة لتوقيف كل المتورطين في جريمة اطلاق النار على مشيّعي المغدور علي شبلي، وقد أوقف في الاسبوع الماضي اثنين من المشتبه بتورطهم، ولا يزال يلاحق المتوارين”.
اما المطالبات للجيش بالتدخل والحسم في الملف الامني المعيشي، صلاحية منع الاحتكار فيلفت المصدر الى ان “مسؤولية منع الاحتكار ليست من صلاحيات الجيش انما هذه المسؤولية تقع كلياً على عاتق الاجهزة الرقابية، وسبق ان عرض الجيش في اكثر من اجتماع، لا سيما المجلس الاعلى للدفاع، متطوعين من الضباط والعسكريين المتقاعدين للعمل بلا مقابل مع اجهزة الرقابة لا سيما وزارة الاقتصاد في عملية مراقبة الاسعار ومنع الاحتكار، واجريت لعدد كبير منهم دورة تدريبية في قصر الاونيسكو ولم يتم الاستعانة بهم حتى الآن، مما يطرح السؤال عن الجدية في تعزيز الرقابة لمنع التسيب والانفلات في كل ما يتصل بأمن المواطن المعيشي والغذائي والطبي”.