ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، أشار فيها إلى أن “المعنى العملي اليوم، الأولويات – حسب الإمام الحسين – ليس الوطن فحسب، بل هي الوطن العادل، والسلطة التي تلبي حاجات الناس، وتؤسس لنظام مالي وتجاري وأخلاقي وأسواق، بعيداً عن وحشية رأس المال ومافيات السلطة ومرتزقاتها، الأولوية عنده بناء أنظمة، وظيفتها الإنسان ومصالحه وإعادة تعريفه بما يتفق مع الطبيعة والوجود، من خلال برامج رعاية وحماية اجتماعية وأطر تربوية، تضع الإنسان أولاً بأفكارها كافة، ومن دون ذلك ليست إلاّ سلطة مصالح ونفوذ وإقطاع ومزارع، وهذا أسوأ ما يعاني منه لبنان وشعبه”.
واعتبر المفتي قبلان أن “البلد في القعر، بل من قعر إلى قعر، بلا كهرباء، ولا ماء، ولا أسواق، ولا حماية، ولا ضرورات معيشية وأساسيات حياتية، والحكومة في هذا المجال تمارس دور الخيانة، وهي بذلك حكومة تعطيل واستنزاف واستفزاز وتهرب وإطباق، والبعض يتصرف كأنه المندوب السامي، ويتعامل مع بلده وكأنه سوق أرباح، أو خشبة مسرح، رغم أن لبنان حلّ الأول عالمياً في تسونامي تضخم المواد الغذائية، وسط كارثة نقدية مالية بحيث بات معها 8 من أصل 10 لبنانيين تحت خط الفقر، كما أن الكارثة المالية التي حلت بالبلد تعد الأسوأ بين ثلاث أزمات في العصر الحديث”.
وأشار المفتي قبلان إلى أن “هناك فريقاً يريد تدمير الدولة، أو ما تبقى من الدولة، وهدم إداراتها العامة وخنق الناس ودفع البلد نحو المجهول، ويمارس لتحقيق ذلك ما أمكن من أساليب الضغط المعيشي والحياتي، بخلفية مشروع خطير جداً، رغم أن الأمور تتدحرج نحو كوارث أخطر وأكبر، وتهدد وجود لبنان”، معتبراً أن “البلد صغير جداً، وكل شيء فيه معروف وواضح، واللعب بمصير لبنان مقامرة خطيرة، ومراحل الصبر تضيق جداً، وفي النهاية سيخسر المقامر ويبقى البلد، وتاريخ الماضي شاهد على التاريخ الآتي، ومن يلعب لصالح واشنطن سيكون مصيره كمصير متعامليها في كابول”.
واستغرب المفتي قبلان “إصرار البعض على تمرير الدولار الجمركي بهذه الطريقة، رغم العاصفة التي ستضرب السلع والخدمات والأسواق وقصة الإعفاءات لا تكفي، فالبلد فلتان، والدولة مشلولة، وهناك من يطعنها في الصميم. فأيّ تمرير للدولار الجمركي يجب أن يكون بالتوازي مع خطة تعاف وإصلاح، وحماية اجتماعية، وإجراءات تطال دولار شركات الطيران المدني الأجنبية وغيرِها من الخدْمات الأجنبية وشركاتها التي ما زالت إلى اليوم تدفع على دولار الـ1500 وعلى عينك يا تاجر”.
وأكد ضرورة “حل أزمة الطاقة والكهرباء سريعاً، وعلى الدولة أن تلعب دور التاجر، وقصة الغاز المصري وكهرباء الأردن “انسوها”، لأن واشنطن تعمل على خنق لبنان، وكفانا بكاء على أطلال انهيار المرافق والقطاعات وكذبة “لا نستطيع”، فمن غير المقبول تولي مسؤوليات حكومية، ثم السفر للنقاهة والسياحة، فيما الشعب يلفظ أنفاسه”.
وأضاف: “نعم للحرب إذا أصرت تل أبيب على منع لبنان من حقوقه النفطية، ولن نقبل أن يعوم لبنان على بحر من النفط، فيما ناسه يئنون من الفقر والبؤس واليأس بسبب إصرار واشنطن وتل أبيب على خنق لبنان. لن نقبل بأقل من الحقوق النفطية للبنان، وتعويلنا على المقاومة تعويل على قوة سيادية كبرى، وترسانة وجهوزية لولاها لكان لبنان بخبر كان”.
وختم قبلان: “البلد في حاجة إلى حكومة قوية وفاعلة، والفراغ حرب مستمرة على البلد والدولة والناس، لذلك لا بد من اتفاق سياسي لإنقاذ لبنان من سرطان الفراغ القاتل”.