دخل لبنان عملياً مدار الارتطام بقعر الانهيار واقترب فتيل القنبلة الاجتماعية من لحظة الانفجار المعيشي المدوّي على وقع تسارع اشتعال “بارود” الدولار في السوق السوداء مطيحاً بما تبقى من قدرة شرائية لدى المواطنين وقدرة تشغيلية لدى مختلف القطاعات والمؤسسات، ليبدأ المشهد اللبناني فصلاً دراماتيكياً جديداً من انعدام التوازن والاستقرار الأهلي لاحت طلائعه الميدانية خلال الساعات الأخيرة عبر تدحرج كرة تحركات احتجاجية على الأرض تنذر بدخول البلد في مرحلة سوداوية متلاطمة المصائب، حياتياً وغذائياً واجتماعياً واقتصادياً وصحياً.
وأمام تعالي الصرخات والتحذيرات أمس، من المواطنين وأصحاب الأفران والمستشفيات والأطباء والممرضين والسائقين العموميين ومحطات الوقود، وتداعي الناس تحت وطأة الجوع والعوز إلى قطع الطرق في بيروت والمناطق… كانت السلطة من “رأسها” إلى “أخمص” مسؤوليها مشلولة غائبة عن السمع لا تحرك ساكناً لتخفيف معاناة اللبنانيين، بل بدت كالمجرم الذي يتلذذ بعذابات ضحاياه، عازمة على “التشفي” بهم و”الانتقام” منهم بأن تتركهم “يموتون جوعاً” بعدما خذلوها في صناديق الاقتراع وانتفضوا بأصواتهم على سطوتها وفسادها.
فلا المناشدات العربية ولا الدولية ولا نداء مجلس الأمن الأخير بضرورة الإسراع في إعادة الانتظام إلى الحياة الدستورية وتشكيل الحكومة والشروع فوراً في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة بغية “التوصل السريع لاتفاق مع صندوق النقد”، حالت دون استمرار أركان المنظومة في لعبة “شد الحبال” على حلبة المحاصصة والمناصب.
المصدر: نداء الوطن