كتب يوسف دياب في “الشرق الأوسط”:
حملت نتائج الانتخابات النيابية في لبنان الكثير من المفاجآت، ليس فقط على صعيد المقاعد التي خسرتها الأكثرية النيابية السابقة، بل على مستوى تأثير الصوت المعارض في مناطق كانت عصيّة على الاختراق، خصوصاً في معاقل «حزب الله» وحلفائه، وهذا الاختراق برز بشكل فاقع وغير متوقّع في دائرة صيدا – جزين، التي مُني فيها «التيار الوطني الحرّ» بهزيمة مدوية، كانت أشبه بـ«زلزال انتخابي» وتمثّلت بخسارة مرشحَي «التيار» أمل أبو زيد والنائب زياد أسود، بالإضافة إلى خسارة النائب إبراهيم عازار، المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه برّي، مقعده. كما أن هذه النتيجة حرمت التيّار العوني من أي تمثيل له في الجنوب.
يحاول الفريق الخاسر التقليل من وقع الهزيمة في هذه الدائرة الحسّاسة؛ إذ عدّ عضو المجلس السياسي في «التيار الوطني الحرّ» وليد الأشقر، أن سبب الخسارة يعود إلى أن «لائحة القوات اللبنانية حصلت على 6 آلاف صوت سنّي من الناخبين من صيدا، وخصوصاً من محازبي تيّار (المستقبل) والجماعة الإسلامية الذين صبّوا أصواتهم لصالح هذه اللائحة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، «نحن لا نملك حاصلاً انتخابياً في جزين، ولم يستطع زياد أسود تخطي الأصوات التي حصلت عليها غادة أيوب؛ لأن زياد صاحب خطاب متشنّج، وهو عضو أساسي في اللائحة ما انعكس سلباً علينا»، معتبراً أن «الإخفاق في التحالف مع مرشحين أقوياء في صيدا قاد إلى هذه النتيجة».
واستطاع النائب الحالي أسامة سعد والنائب المنتخب الدكتور عبد الرحمن البزري الفوز بالمقعدين السنيين في صيدا، كما تمكنت لائحتهما من تأمين حاصل إضافي في قضاء جزين لصالح النائب المنتخب شربل مسعد، في حين حصلت «القوات اللبنانية» على المقعدين المارونيين لكلّ من غادة أيوب وسعيد الأسمر.
الإيحاء بأن فوز «القوات اللبنانية» ناتج من دعم تيّار مناصري رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ردّ عليه منسق تيار «المستقبل» في صيدا والجنوب مازن حشيشو، الذي أوضح أن «تيّار المستقبل علّق عمله السياسي كلياً بما في ذلك العملية الانتخابية». وذكّر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن التيار «ليست لديه ماكينة انتخابية وكان مجرّد مراقب لمجريات اليوم الانتخابي». وقال حشيشو «غريب أمر التيار الوطني الحرّ، عندما كان الرئيس سعد الحريري شريكاً في الحكم حمّلوه مسؤولية إخفاقهم وفشل عهدهم، وعندما اختار الخروج من السلطة حمّلوه مسؤولية فشلهم في الانتخابات وموبقات ممارساتهم». ورأى، أن «هؤلاء يحصدون نتائج ما زرعوه خلال ممارسة السلطة».
ورداً على المعلومات المتداولة عن منح «المستقبل» آلاف الأصوات للائحة النائب أسامة سعد في صيدا، جزم حشيشو بأن «محازبي وكوادر (المستقبل) وجميع مؤيديه تضامنوا مع الرئيس سعد الحريري في تعليق العمل السياسي بما فيه الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً». وأوضح، أن تيار المستقبل «لا يفرض على جمهوره مسألة المقاطعة ولا المشاركة؛ لأن الناس حرّة بخياراتها وكلّ شخص يفعل ما يناسبه».
أما الفريق الفائز بمقاعد جزين، فعزا انقلاب المشهد إلى يأس الناس من عهد الرئيس ميشال عون وممارسات فريقه التي أوصلت البلد إلى الانهيار، ورأى رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور، أن «نتائج انتخابات جزين عكست روحية ثورة 17 تشرين، وجاءت بمثابة الردّ على الفشل المدوي لعهد الرئيس ميشال عون والذي أوصل البلد إلى الانهيار». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «منطقة جزين الواقعة على بوابة الجنوب، يشعر فيها المسيحي بأنه لا يملك حرية التجوّل في منطقته، بذريعة الحفاظ على الأمن الاستراتيجي للمقاومة، كما أن المسيحيين باتوا يشعرون أنهم أهل ذمة في منطقتهم». وقال جبور «أتت اللحظة التي وجدت جزين من يتحدث بخطاب سيادي، ويقول إن المواطن الموجود فيها لا يعيش في جزيرة منعزلة عن محيطها، كما أن خطاب السيّدة غادة أيوب (النائبة المنتخبة) كسر حاجز الخوف عند أبناء جزين، فحصل التسونامي الشعبي الذي استبدل خطاً مسيحياً (التيار العوني) يغطّي سلاح (حزب الله)، بخطٍّ سيادي صاحب خطاب حرّ». وأكد جبور، أن المنطقة «انتفضت على واقعها الصعب وتخلّصت من عقدة الخوف، وهذه الاستفاقة الشعبية في جزين ترجمت في مناطق أخرى أيضاً».