الدولة اللبنانية مُفلسة.. بهذه العبارات القليلة صارح نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي اللبنانيين وصدمهم. وإذا كان خبر الإفلاس ليس مفاجئاً، فإن المفاجأة كانت في التوقيت بالغ الدقة وهو في لحظة المفاوضات الجارية بين الحكومة وصندوق النقد الدولي.
وفي ضوء التفسيرات المتناقضة التي أعطيت لإعلان الإفلاس وتأثير ذلك على اللبنانيين بالدرجة الأولى والمودعين بالدرجة الثانية، فإن الإعتراف الرسمي بالإفلاس يعني أمريْن: إنهاء حال الإنكار الرسمية للإنهيار المالي وإعتراف بالعجز والتنصل من المسؤولية من قبل الدولة عن إعادة الودائع.
“ليبانون ديبايت” سأل الباحث والخبير المصرفي الدكتور نسيب غبريل، عن دلالات هذا الإعلان والذي حسم بأن الخسائر المالية المتراكمة هي 72 مليار دولار بعدما كانت 69 ملياراً، ما يعني زيادةً في الأشهر القليلة الماضية. وأوضح الدكتور غبريل، إن “الشامي تحدث عن توزيع الخسائر”، معلناً في السياق عن “الإفلاس، ولكن هذا الكلام غير مقبول لأن الدولة ليست مفلسة ولا تستطيع الهروب من مسؤولياتها في التسبب بهذه الخسائر الهائلة، والعمل على تحميل المودع الكلفة والثمن الباهظ جراء سوء إدارتها”.
وقال “من المسؤول عن صرف 24 ملياراً و500 مليون دولاراً على قطاع الكهرباء+ 25 ملياراً فوائد؟ من المسؤول عن إدخال38 ألف شخص إلى مؤسسات القطاع العام بين 2014 و2018 من خلال آلاف الوظائف الوهمية؟ من زاد النفقات العامة من 6 مليارات و800 مليون دولاراً في العام 2015 إلى18 مليار دولاراً في 2018 و2019؟ من أساء إدارة القطاعات الحيوية التي تحتكرها الدولة مثل الكهرباء والإتصالات والمواصلات؟ من أساء التقدير لدى إقرار سلسلة الرتب والرواتب، مع أحقية هذه الزيادة للفريق المنتج في القطاع العام؟ من المسؤول عن زيادة الضرائب بشكل عشوائي عام 2017 لتغطية كلفة السلسلة، عبر فرض الرسوم على الدخل الإستهلاك والأرباح والأموال المنقولة والمصارف في الوقت الذي كان فيه الإقتصاد يشهد التباطوء؟
وكشف أنه “خلال 8 سنوات ونصف من 2013 إلى 2021، أي منذ استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى حكومته الأخيرة، لم تعمل الحكومات المتعاقبة بشكل طبيعي، سوى لفترة سنتين و8أشهر، والباقي كان كله عبارة عن تعطيل وفراغ رئاسي وتأخير في تشكيل الحكومات لأشهر تتجاوز أحيانا 11 شهراً، فمن المسؤول، هل هو المودع أيضاً أم السلطة السياسية؟
وبالتالي فإن المسؤول الوحيد أمام المودعين عن الفجوة المالية أو ما يسمى بالخسائر هو السلطة السياسية التي أساءت استخدام السلطة أولاً وأساءت إدارة الأزمة ثانياً، على حدّ قول غبريل الذي اتهم هذه السلطة بالتهرب من المسؤولية عن الأزمة الحالية؟”، وكشف أن “مصرف لبنان المركزي الذي قال أيضاً الشامي أنه مفلس، هو مؤسسة عامة والدولة هي الجهة المسؤولة عن رسملته وملاءته، لكنها تسعى إلى تحميل هذا العبء للمودع”.
وأعلن غبريل أن “الدولة اللبنانية ليست مفلسة، بل الحكومة الماضية قرَّرت العودة عن دفع سندات اليوروبوند، ولذا فإن الدولة تواجه نقصاً في السيولة، لأنها ما زالت تملك الأصول والموجودات وهي واضحة وعبارة عن مؤسسة كهرباء لبنان وقطاع الإتصالات الخليوي والمرافىء وشركة طيران الشرق الأوسط وإنترا وكازينو لبنان إضافةً إلى عقارات بمليارات الدولارات وتبلغ مساحتها نحو 950 مليون متر مربع. وبالتالي ليس المطلوب بيع هذه الموجودات ولكن إدارتها بالشراكة مع القطاع الخاص على أن تبقى ملكيتها للدولة وبعيداً عن المزايدات والشعبوية”.
وأكّد أنّ “سوء إدارة السلطة وسوء إدارة الأزمة، فاقم الوضع، ولا يجوز تحميل المودع المسؤولية، كما أنه لا يجوز وليس من مصلحة لبنان إعلان التصفية، لأن الدواة مستمرة والحلّ هو بإعادة رسملة مصرف لبنان”.
المصدر: ليبانون ديبايت