يبدو انّ خطة النقل، مدعومة من وزير الاشغال والنقل الحالي علي حمية ستصبح واقعاً أكثر من أي وقت مضى، حيث من المتوقع إذا ما بقيت تسير الامور على ما هي عليه اليوم، ان ينطلق التنفيذ قريباً.
وفي السياق، يؤكّد المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر لـ«الجمهورية»، انّ «بعد الأعباء الاجتماعية الكبيرة التي فرضتها الأزمة الاقتصادية الراهنة، ما عاد ممكناً التغاضي عن تأمين النقل العام للمواطنين بعدما تعذّر عليهم الانتقال الى أماكن عملهم. لذلك لا بدّ من ان تكون هناك شبكة متكاملة لتأمين خدمة النقل المشترك الى كل المناطق اللبنانية. وقد سبق للمصلحة ان أعدّت مشروعاً بتمويل من البنك الدولي، يندرج في إطار تمويل حل لأزمة النقل العام ضمن مدينة بيروت الكبرى وضواحيها (من الدامور الى جونية الى الحازمية الفياضية وأول عاليه) اضافة الى نظام نقل سريع بين بيروت وطبرجا».
اضاف: «كشفت الأزمة انّ الأرياف والمناطق البعيدة عن بيروت اصبحت بحاجة ماسّة اليوم لإيجاد الحلول المناسبة لعملية تنقّل المواطنين، لذلك عُقد اجتماع مطلع الاسبوع الحالي برئاسة وزير الاشغال علي حمية وحضور مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك مع ممثلين عن البنك الدولي ومجلس الإنماء والإعمار، لإعادة النظر بنطاق عمل المشروع، وليكون كاملاً وشاملاً من دون استثناء اي منطقة. ويؤمّن هذا المشروع خدمة النقل إلى المناطق والبلدات اللبنانية كافة، على ان يصل في المرحلة الاولى إلى مراكز كل الأقضية والتي يبلغ عددها 25، إلى جانب خطوط بيروت العاصمة، كذلك نعمل على خلق ربط وتكامل بين هذه الخطوط، لتأمين خدمة التنقل ما بين الأقضية وربطها بالعاصمة بيروت».
خطوط الشبكة
وشرح نصر، انّ شبكة الخطوط الرئيسية التي جرى إعدادها تربط كافة الأقضية والمناطق اللبنانية ببعضها، بما فيها العاصمة بيروت، رغم انّها لا تنطلق جميعها من العاصمة، لكنها تمرّ في الأقضية كافة، على ان تكون هناك محطات ثابتة ضمن نطاق كل بلدية. ويمكن من خلال هذه الشبكة التدرّج لخدمة البلدات اللبنانية كافة.
وفي التفاصيل، أكّد نصر انّ العاصمة بيروت بحاجة لأن تكون على مداخلها محطات تسفير، وان تكون في الوقت نفسه محطة لوقوف الباصات، يتمكن من خلالها المواطن الانتقال من خط الى آخر. وقال: «هذه المحطات تنشأ عادة على مداخل المدن، وقد وضعت مؤسسة النقل المشترك وسكك الحديد مساحات وأملاكاً عقارية تملكها، بتصرّف هذه الخطة في أكثر من منطقة لبنانية، منها في البقاع والجنوب والشمال، حيث سيتمّ استحداث محطات على هذه العقارات لتلبية خدمة التنقل للمواطنين وتسهيلها. كما يمكن لها ان تحوي مشاريع استثمارية في مختلف المجالات، كأماكن للراحة وفنادق ومطاعم… وذلك بهدف تحقيق واردات إضافية لتأمين توازن مالي وتغطية النفقات».
أضاف: «اما عن الخطوط، فهناك خط ساحلي من بيروت باتجاه أقصى الجنوب، ومن بيروت باتجاه الشمال، وخط ثالث ينطلق من بيروت نحو البقاع. هذه المحاور الأساسية الثلاثة تربط بيروت بكافة الاقضية. على سبيل المثال، انّ خط بيروت-البقاع- بعلبك- الهرمل يمرّ في مناطق عاليه وبحمدون… يتوقف الباص في كل بلدة فينزل الركاب ومنها يستكملون رحلتهم بباص خاص يكون مساره الشوارع الداخلية لكل منطقة. وتندرج ضمن الخطة ايضاً محطات متوسطة على مستوى كل قضاء، ينطلق منها الباص الى الخط الساحلي او ينتقل الى قضاء آخر.
وفي حال تعذّر على الدولة القيام بهذه المهام وتأمين التشغيل بوسائلها الخاصة بواسطة موظفيها وحافلاتها، يمكن اللجوء لتقنيات وخدمات القطاع الخاص».
الباصات المتوفرة وطريقة توزعها
ورداً على سؤال، كشف نصر انّه يتوفر لدى الدولة اللبنانية اليوم 45 باصاً فقط، وهذا العدد غير كافٍ لتأمين السير بالخطة والربط بين المناطق، لافتاً الى انّ عدد الباصات المطلوبة يتحدّد على ضوء الطلب. فبعض الخطوط قد تحتاج الى أكثر من باص إذا كان الطلب مرتفعاً، وهذا ما يحتاج الى دراسة ميدانية يتمّ على أساسها تحديد حاجة كل خط. وأوضح، انّه حتى الآن هناك دراسة ميدانية متقدّمة على خط بيروت وضواحيها وبيروت- الشمال، والمطلوب اليوم إعداد دراسة لكل المناطق. حالياً هناك تحديد لخطوط السير في كافة المناطق اللبنانية، انما ينقصنا تحديد عدد الباصات التي يحتاجها كل خط، وهذا ما سيبدأ العمل عليه. وقد سبق للوزير حمية ان اعلن خلال الاجتماع مع البنك الدولي، انّه وللمرة الاولى سيتمّ إعداد دراسة كاملة تطال كافة المناطق اللبنانية، من راشيا الى مرجعيون الى بعلبك الهرمل عكار وطرابلس.
أما عن سبل تأمين عدد الباصات التي يحتاجها لبنان لتطبيق الخطة، قال نصر: «انّ وزير النقل تواصل مع الجانب الفرنسي لتزويدنا بعدد من الباصات لتنفيذ خطة النقل العام ضمن مدينة بيروت الكبرى وضواحيها (لأنّ هذه الخطة جاهزة للتنفيذ)، وقد وعدنا بـ 100 باص كدفعة اولى حتى الآن، وقد يكون هذا العدد مرشّحاً للارتفاع، على ان تكون هناك دفعات متلاحقة في ضوء النجاح الذي سيسجّله لبنان والإدارة اللبنانية بتشغيل هذه الباصات.
وعليه، من المتوقّع ان نكون جاهزين لتشغيل باصاتنا الـ45 خلال الفترة المقبلة، بعد الانتهاء من إتمام عملية الصيانة، يُضاف اليها حوالى 100 باص موعودين بتسلّمها من الجانب الفرنسي ليصبح المجموع 145. وسيتوزع انتشار هذه الباصات ما بين الخطوط الساحلية التي توفر خدمة النقل من المناطق البعيدة، وعلى محطات التسفير الكبرى انطلاقاً من بيروت نحو الشمال والجنوب والبقاع، والبقية ستُوزع داخل بيروت الكبرى. وتابع: «ستنطلق الخطة على هذا النحو، بانتظار قدوم مزيد من الباصات من فرنسا وتلزيم النقل في بعض المناطق والتعاقد مع القطاع الخاص».
وأشار: «انّ قدوم هذه الباصات الى لبنان يستوجب توفير القدرات البشرية (سائقين) والمالية (كلفة المازوت وقطع الغيار) لتسييرها. وعلى خط ٍموازٍ، نحن نرجو عند بدء التشغيل اللجوء الى القطاع الخاص، والاستفادة من الخدمات المتطورة التي يقدّمها، من خلال طرح فكرة التعاقد معه وتلزيمه بعض خطوط النقل وفق مناقصات. وهذا ما يُعمل به في كل دول العالم».
سكك الحديد
اما عن إعادة إنعاش سكك الحديد، يؤكّد نصر انّها موضوع أساسي ومهم، وهو من المشاريع الاستثمارية الكبرى التي تحتاج الى استقرار، ولبنان اصبح بحاجة ماسّة اليها ويجب إعادة تفعيلها. وأشار الى انّ الجانب الإسباني عرض تقديم دراسة كهبة، لوضع مخطط توجيهي شامل لكافة خطوط النقل السككي. وذكر انّ لبنان أعدّ خلال العام 2016 دراسة على الخط الممتد من مرفأ بيروت الى مرفأ طرابلس الى الحدود اللبنانية- السورية، انما باقي الشبكة من بيروت جنوباً الى الناقورة ومن بيروت الى البقاع باتجاه الحدود مع سوريا ومنطقة القصير تحتاج الى دراسة مخطّط توجيهي، وهذا ما تبرعت بإعداده مشكورة الحكومة الاسبانية. لأنّ أي جهة ترغب في الاستثمار بلبنان بقطاع النقل السككي ستحتاج الى مخطّط توجيهي شامل، يُظهر سبل الربط والجدوى منها والخطوط والعائدات المتوقعة منه.