كتب عمر الراسي في “أخبار اليوم”:
منذ ان عادت الحكومة ولمّت شمل وزرائها من اجل مناقشة مشروع الموازنة العامة للعام 2022، حتى أصبح “الدولار الجمركي”، هما يوميا لا بل الشغل الشاغل للبنانيين الذين يعانون يوميا من ارتفاع الاسعار التي ترتفع على وقع ارتفاع دولار السوق الموازية ولا تنخفض مع انخفاضه، ويبدو ان دولار السلع لا يقل عن 35 الفا؟
ولكن بغض النظر على الازمة المالية والاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان بشكل واضح منذ العام 2019، فلو كانت الرقابة قائمة وفاعلة في ادارة الدولة لكانت حدة الازمة اقل!
منذ ما قبل دخول عبارة “الدولار الجمركي” الـ lexique اليومي للبناني، فان رسوم الجمارك تحتسب على اساس سعر الصرف في السوق السوداء، فعل سبيل المثال جهاز تلفزيون بمواصفة وماركة محددة كان سعره (على ايام الـ1500) نحو 500 دولار اميركي، وهو اليوم ما زال على نفس السعر بالدولار الفريش. ولكن عند التدقيق بـ”مكونات” السعر، فنجد ان العديد من الرسوم ما زالت لغاية اليوم على سعر 1500، منها الجمارك القيمة التأجيرية، الرسوم البلدية… وحتى رواتب الموظفين ليست على الدولار!
وبالتالي، فان التجار يسعرون الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة وفق دولار السوق السوداء، وفق الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة الذي يقول، عبر وكالة “أخبار اليوم”: في المطلق، اذا تم رفع الدولار الجمركي يجب الا تتحرك الاسعار، باستثناء بعض السلع المصنعة محليا التي تتأثر بالاستيراد، وهذا يمكن ان تنظر اليه الحكومة من ناحية تصحيح الرسوم المفروضة. واستدرك مضيفا: عدم ارتفاع الاسعار يصح لو الرقابة موجودة، ولكنها للاسف ليست كذلك. ويتابع: سترتفع الاسعار لانه لا توجد رقابة، وما يحصل تنطبق عليه صفة السرقة.
وفي هذا السياق، يشدد عجاقة على نقطتين اساسيتين:
اولا: نسبة الرسم الجمركي والضريبة على القيمة المضافة، من الضرائب سيادية، التي لا يمكن المتاجرة بها، بمعنى ان السلع التي تفرض عليها هذه الضرائب لا تشترى بسعر وتباع بآخر، فهذا التلاعب يندرج في خانة “الجرم المالي”.
ثانيا: حين انخفض الدولار في السوق السوداء من 34 الف ليرة الى 21 الفا بنحو 13 الفا، لم تنخفض الاسعار، وباعتراف نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، انخفضت اسعار السلع الغذائية ما بين 15 و16 % بينما الدولار انخفض 30%، فهذا يعني ان التاجر “يأكل” من القدرة الشرائية للمواطن وان كان من حاملي الدولارات.
ويتابع عجاقة: هاتان الملاحظتان تدلان على انه لا يوجد اي رقابة لا بل الرقابة معدومة، وبسببها سترتفع الاسعار مجددا!
وماذا عن التداعيات على قطاع السيارات؟ يقول عجاقة ان ما ينطبق على مثل جهاز التلفزيون ينطبق على السيارات، بمعنى ان مستوردي السيارات اساسا يسعرون الرسوم الجمركية على سعر الصرف، ويرى انه في حال انهار هذا القطاع، فليس بسبب رفع الرسوم، بل بسبب عدم القدرة على شراء السيارات الكبيرة لدى معظم اللبنانيين، بسبب المصروف المرتفع للبنزين الذي اصبح سعره اكثر من 300 الفا، وعلى اي حال من لديه القدرة على اقتناء سيارة ضخمة بمصروف بنزين مرتفع، هو قادر على دفع الرسوم الجمركية مهما كانت كبيرة.
وامام هذا الواقع يدعو عجاقة مستوردي السيارات الى تغيير الـ business model بما يتناسب مع الوضع الجديد، والاتجاه نحو استيراد السيارات كهربائية كون المحروقات واسعارها يشكلان مشكلة اساسية لا بل جوهرية في لبنان. ويمكن لهم في المقابل ان يصدّروا ما لديهم من سيارات كبيرة الى افريقيا – على سبيل المثال- حيث هناك نقص حاد في السيارات ووسائل النقل.
وفي الوقت عينه، الحكومة حرمت اللبنانيين من شراء سيارات، مدعوة بدورها الى انشاء قطاع نقل مشترك فاعل، سائلا: هناك هبة فرنسية كناية عن خمسين حافلة تخصص للنقل في بيروت، اين هي؟
ويخلص عجاقة الى توجيه 3 رسائل اساسية الى المعنيين:
1 – معظم التجار يضعون الرسم الجمركي على سعر دولار السوق السوداء وايضا القيمة المضافة.
2 -لا يمكن المتجارة بالضرائب السيادية.
3 – على الحكومة ان تفعّل الرقابة لضبط الوضع.