الإمتناع عن ممارسة الجنس عند النساء أو عند الرجال له أسبابه الشخصية والإجتماعية وربما الطبية أيضاً. فبعض الأحيان يتوقف الإنسان بشكل طوعي عن واحدة من حاجياته الجسدية والنفسية، لسبب المرض أو بسبب تناول ادوية معينة تخفّض الليبيدو لديه، أو لأسباب فردية أو دينية. وهذا ليس موضوع مقالنا الذي سيركّز فقط على الأسباب النفسية والإجتماعية-النفسية، التي تدفع الإنسان عن التوقف عن ممارسة الجنس. فما هي هذه الأسباب؟ وما هي نصائح علم النفس-الجنسي في هذا المضمار؟
عادة، يسعى كل إنسان لإشباع غرائزه الجنسية، وهذا من الطبيعة البشرية. فكل إنسان بحاجة للمأكل والمشرب وطبعاً للتنفس وللشعور أنّه محبوب وإنه يحب أيضاً… تلك الحاجات التي تكلم عنها «ماسلو»، أضاف اليها «فرويد» أب التحليل النفسي، بأنّ هذا الإنسان بحاجة الى الجنس كما هو بحاجة للهواء. ولكن طبعاً الضوابط الإجتماعية والقانونية وخصوصاً دور «الأنا الأعلى» أو الضمير الإنساني، تحدّد العلاقة الجنسية ضمن إطار محترم للمجتمع وللإنسان. ولكن ذلك لا ينفي أهمية العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى. ولكن، ماذا لو امتنع أحد الطرفين عن ممارسة الحب مع الشريك الآخر؟ طبعاً يجب البحث عن الأسباب التي تدفع للإمتناع ومعالجتها وفهمها… وطلب المساعدة إذا أقتضى الأمر.
فرويد والإمتناع الجنسي
الإمتناع الجنسي أو ما يُعرف بالـSexual Abstinence من المشاكل التي يعاني منها الكثير من الأشخاص المتزوجين أو حتى الإنسان العازب. فبعد سنوات من الزواج، نلاحظ بأنّ الزوج بدأ يعاني من البعد الجسدي من زوجته التي تمتنع عن إقامة أي علاقة معه لأسباب كثيرة مثلاً: «الأطفال بقربنا في الغرفة» أو «لا يمكنني الآن للأنني أطبخ (أو اقوم بأي عمل منزلي)… كما نجد ايضاً بعض الأحيان الزوج هو الذي يمتنع من مقاربة زوجته لأسباب أخرى: «يومي كان متعباً» أو «لنتحضّر للغد» أو «الغد يومي طويل، بحاجة للراحة»… وغيرها من الأسباب التي تدفع الشريك الثاني عن الشعور بقلة ثقة بالنفس، أو بقلة الإهتمام وبالحب بينهما، أو حتى ربما الشك بعلاقة أخرى، تُبعد الشريك عنه.
وفسّر «سيجموند فرويد» بأنّ الإمتناع عن طلب الحاجة الجنسية يمكن أن تكون اسبابه الخوف من قواعد المجتمع الصارم. لذا يقوم الشخص بقمع حاجاته الجنسية ويعزل شعوره بالجماع بنشاط آخر، كممارسة الأعمال المنزلية أو الإهتمام بالأطفال أو العمل بشكل «هوسي» خارج البيت. ويضيف التحليل النفسي، أنّ الشخص الذي يكبت حاجاته الجنسية تجاه الشريك، يمكن أن يستسلم بسهولة للإشباع الجنسي الأحادي، أي ممارسة الإستنماء أو حتى الإحتلام الليلي. حتى هناك العديد من الحالات التي إنتقلت من الإمتناع الجنسي إلى الهوسي الجنسي، تجاه فكرة أو عضو أو شيء موجود، مع الشريك الآخر. مثلاً، توقف رجل عن ممارسة الحب مع زوجته لأنّه لا يريد (وليس هناك أي سبب آخر يمنعه من الممارسة)، يمكن أن ينتقل هذا الرجل من الإمتناع الجنسي مع زوجته إلى هوس «ثيابها الداخلية» أو هوس بأي عضو من جسمها.إذاً، الحاجة الجنسية المكبوتة عند الزوجين يمكن أن تؤدي إلى مشاكل عديدة إذا لم يتمّ «تصريفها».
الأسباب النفسية؟
هناك الكثير من الأسباب «البسيطة» التي يمتنع فيها الشخص عن ممارسة الجنس مع شريكته، مثلاً عدم الإنجذاب الجسدي أو القلق الذي يعيشه، أو حتى تغييرٌ بالمزاج يؤثر تأثيراً مباشراً على الأداء الجسدي أو حتى النظافة الجسدية. ولكن هناك بعض الأسباب النفسية عند الإنسان التي تدفعه الى الإمتناع عن ممارسة الحب مع شريكه. هذه الأسباب يمكن أن تنقسم إلى أسباب واعية وأسباب غير واعية. فمثلاً، الزوجة التي أظهرت لزوجها صورة الام المسيطرة والخشنة وغير قادرة للتفاهم معها، يمكن أن يمتنع الزوج عن التقارب منها لأسباب ربما تذكّره بصورة والدته العدوانية تجاهه أو العكس، صورة الأم الراضخة وغير «الناضجة». كما يمكن للزوج أن يمثل صورة غير واعية لا يمكن ان تتحمّلها الزوجة خصوصاً بعد سنوات عدة من الزواج، وذلك يجعلها تنفر منه وتبتعد بأي طريقة عنه. لذا التقسيم النفسي عند الإنسان وخبراته الماضية التي عاشها في عائلته وخلال مراهقته، كما صورة «الأم والأب» التي «فهمها» عندما كان صغيراً، ونضجه العاطفي والنفسي وغيرها من الترددات النفسية، يمكن ان تدفعه للامتناع عن ممارسة الجنس والإنقطاع عنه.
نصائح
عندما يعاني أحد الزوجين من الإمتناع عن الممارسة الجنسية، يجب أن يبحث الإثنان عن السبب. كما يجب معالجة القلق أو الإكتئاب الذي يمكن ان يكون سبباً مباشراً للفشل الجنسي. ولإستعادة النشاط الجنسي يمكن أن يتثقف الزوجان حول المواضيع الجنسية، من خلال قراءة المقالات العلمية حول الجنس والعملية الجنسية وتعديل المعلومات الخاطئة. إضافة إلى ذلك، يجب على الزوجين تحسين العلاقة التي تجمعهما، فيزيد التفاهم، وبالتالي تستقر أكثر علاقتهما الجنسية. وإبتكار طرق جديدة يمكن أن تخلق الإنجذاب الجنسي من جديد، ومنها إستعمال الروائح العطرة، والتي تجذب الطرف الآخر أو الإستسلام للخيال. كما تغيير نمط الحياة وزيارة الطبيب من الأمور الأساسية لمعالجة تلك المواضيع. ولا يجب أن ننسى بأنّ ممارسة الرياضة يومياً، والمشي والركض والسباحة والشعور بالثقة بالنفس، تجدّد الحياة الجنسية عند الزوجين. وأخيراً لا ضير من زيارة الأخصائي النفسي المتخصص للتحدث عن هذه الأمور الحميمية ومعالجتها بالطريقة المناسبة للثنائي.
المصدر: الجمهورية د.انطوان الشرتوني