كتبت ميسم رزق في “الاخبار”:
افتتح رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس، اللقاءات الثنائية مع رؤساء الأحزاب والكتل للتشاور في دعوته إلى عقد لقاء حوار وطني، وسط تشكيك في القدرة على عقد اللقاء من أصله أو الوصول الى نتائج من خلاله. حتى وإن كانَ «حوار الضرورة» هذا، تُمليه ظروف البلد السياسية والاقتصادية والمالية وحتى الأمنية، إلا أن الانطباع الأولي لا يترك هامشاً كبيراً لتوقّع نتائج غير تلكَ التي أفضت إليها دعوات عون السابقة. فمع حوار «قد» ينطلق وسطَ مناخ انتخابي محتدِم، لن يكون الأمر غير ما كانَ عليه في «لقاء الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة» الذي صدرت عنه وثيقة بعبدا عام 2017، ولا «اللقاء الوطني» الذي قاطعته «القوات اللبنانية» و«نادي رؤساء الحكومات» عام 2020. وتبدو الأمور أكثر تعقيداً في ضوء العلاقات السيئة التي تربط رئيس الجمهورية بمعظم القوى السياسية، وسط تشكيك من بعض هذه القوى بـ«أصل الدعوة وتوقيتها ووظيفة الحوار»، وخصوصاً أنها لـ«مناقشة ملفّين محط انقسام كبير، وتحديداً الاستراتيجية الدفاعية التي تتجاوز الوضع الداخلي إلى التطورات الإقليمية في المنطقة».
النتائج الأولى للقاءات تظهر أن أولويات الفرقاء السياسيين اختلفت اختلافاً جذرياً عن المراحل السابقة، بينما اكتسبت الدعوة وما تلاها من لقاءات دلالات عدة:
في الشكل، لا يُمكِن عقد طاولة حوار بمَن حضر وحسب، ومن لبّى الدعوة هم أساساً حلفاء رئيس الجمهورية، باستثناء رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبمعزل عن أي موقف من باقي الأطراف، لا يُمِكن عقد حوار في ظل غياب «القوات» و«المستقبل» و «الحزب الاشتراكي».
في المضمون، عبّر مراقبون عن اعتقادهم بأن عناوين الحوار تعكس حالة التوتر التي تسود علاقة عون والتيار الوطني الحر مع حزب الله. وهو توتر ارتفعت وتيرته بعد سقوط صفقة المجلس الدستوري في ما يتعلق بقانون الانتخابات وملف انفجار المرفأ». وتساءل المراقبون عن هوية الجهة التي ترفع في وجهها «الاستراتيجية الدفاعية قبل أشهر قليلة من الانتخابات النيابيةّ وأيّ رسالة يودّ رئيس الجمهورية وفريقه إيصالها إلى الداخل أو الخارج، وتحديداً لعواصم عربية وغربية تصعّد ضد لبنان وحزب الله منذ فترة». وبينما لا يزال فريق العهد يؤكّد أن «الدعوة للحوار القصد منها إنقاذ البلد لا إنقاذ ما تبقى من العهد»، شكّك البعض أيضاً في خلفية طرح اللامركزية المالية الموسعة التي «تخالف الدستور». فهي «ليست مذكورة في الطائف مثل اللامركزية الإدارية»، كما أن «عون يعلم حساسية أطراف أساسية في البلد بشأن هذا الأمر، الذي سيتّخذه البعض مطيّة للذهاب في اتجاه التفكك والتقسيم»، متسائلة: «هل المشكلة في الطوائف أم في النظام السياسي والاقتصادي والفاسدين؟».
وفيما أرخى هذا السجال المزيد من الغموض على موضوع الحوار، رجّحت مصادر متابعة أن اتساع دائرة المقاطعين قد يدفع عون الى التراجع عن الدعوة، فيكون مصيره مصير الحوار الوطني الذي دعا إليه عام 2018 للبحث في الاستراتيجية الدفاعية، ولم ينطلِق.
وكانَ عون قد افتتح لقاءاته مع رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد الذي قال: «موقفنا كان مؤيداً لدعوة الحوار وموافقاً على مشاركتنا به. وأكدنا أن البلد في زمن الشدة والضيق هو أحوج إلى عدم الانقطاع عن الحوار»، داعياً «شركاءنا في الوطن إلى التحلّي بالعقل والحكمة، والتخلّي عن المزايدات». بعدها، التقى عون، رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» النائب طلال إرسلان الذي رأى أنه «غير مبرّر لأحد رفض مبدأ الحوار». كما استقبل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي أعلن أن «أي قرار يأخذه الفريق الذي سيجتمع، والذي سيكون فريقنا، سنوافق عليه، لكن لن نحضر إلى الحوار من أجل الصورة. أي أنّنا لن نشارك»، مشيراً إلى أن «حزب الله لا يعمل إلا للخير بيننا وبين التيار الوطني الحرّ»، و«لو أتيت إلى القصر لأعبّد طريقي إلى رئاسة الجمهورية كنت براضي الرئيس عون وبعمل غير هيك».
وساطة قرداحي
ووسط الحديث عن جهود خاصة يقوم بها حزب الله للتقريب بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، كشفت معلومات أن وزير الإعلام السابق جورج قرداحي تولّى وساطة بين عون وفرنجية اثمرت ترتيب التواصل واجتماع أمس. وتبيّن أن قرداحي باشر هذه الوساطة خلال المرحلة التي كان فيها عرضة لهجوم من قبل السعودية. وقال مقرّبون منه إن الأمر «ليس بجديد وبدأ في فترة الهجمة السعودية على قرداحي، وقد رأى الأخير أن عون وقف معه موقفاً مشرّفاً. وفي أحد اللقاءات، فاتح قرداحي عون بفكرة إعادة وصل ما انقطع مع فرنجية فلم يمانع، لكنها وساطة لم تؤدّ إلى أي نتيجة».