إتفاق الطاقة مع الأردن سيُوقّع في سوريا

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

قبيل انقضاء العام الماضي بساعات، كان وزير الطاقة وليد فياض يعلن بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ “تحسين التغذية والنهوض بقطاع الكهرباء يسيران على السكة، عبر موضوع الغاز من مصر عبر سوريا، ما يتيح 8 ساعات إضافية وكهرباء الأردن تزيد ساعتين أي 10 ساعات ككل”. اذ يسعى وزير الطاقة لتأمين هذين المصدرين من الطاقة لكونهما سيكونان بمثابة “المعجزة” التي ستهبط على القوى السياسية وتنقذها من “رجم” الناس لها، بعدما صارت معامل الانتاج تتكل فقط على النفط الوارد من العراق. ولكن إلى الآن، لا يزال المشروعان حبراً على ورق، ولو أنّ مشروع استجرار الطاقة من الأردن يقلّ صعوبة وشروطاً عن استجرار الغاز من مصر، الذي يبدو إلى الآن غير متاح.

وحسب ما تظهر المعطيات، فإنّ ملف الكهرباء الأردنية بلغ أشواطه الأخيرة ويفترض أن يصير موضع التنفيذ في الأيام القليلة المقبلة، إلّا اذا قرر البنك الدولي تعليق تمويل هذا المشروع وربطه بالضغوط السياسية التي تمارسها الولايات المتحدة على لبنان. وتؤكد المعطيات أنّ الجانب الأردني وافق على الصيغة النهائية للعقد الذي سيوقع مع لبنان بعد اجتماعات عدّة عقدت بين الطرفين وأدت إلى الاتفاق على صيغة مشتركة بعدما تمّت مناقشة أكثر من أربع مسودات. وعلى هذا الأساس فوّض مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، المدير العام كمال الحايك للتوجه إلى الأردن لتوقيع الاتفاق، إلا أنّ هذه الخطوة لا تزال تنتظر تحديد الموعد من الجانب الأردني… فيما يتردد أنّ السوريين يشترطون أن يتمّ توقيع الاتفاق في دمشق لتسهيل مرور الكهرباء عبر الأراضي السورية، كخطوة سياسية من باب الاعتراف بالنظام السوري.

ومع ذلك، ثمة خطوة أساسية لا تزال غير محسومة، وهي المتصلة بالتمويل الذي سيتولاه البنك الدولي. وفق المعنيين فإنّ ممثلي البنك الدولي في بيروت متحمسون لتنفيذ هذا المشروع بأسرع وقت ويتمّ توثيق الملف بشروط التمويل وكيفية السداد لإرساله إلى مجلس إدارة البنك الدولي في نيويورك، ما يعني وفق المعنيين أنّه في حال لم يبتّ البنك الدولي هذا المشروع خلال شهر كانون الثاني، فهذا مؤشر واضح الى أنّ الضغوط السياسية ستحول دون وصول الكهرباء الأردنية إلى بيروت، أسوة بمشروع الغاز المصري الذي لا يزال معلّقاً، ولو أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أبلغ رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، وفق المعنيين، بأنّ قانون قيصر لن يكون عثرة أمام تنفيذ المشروع.

ولكن المسألة الجوهرية هي في كيفية تسديد القرض للبنك الدولي، وهو ما يحرص عليه البنك وفق مداولاته مع المسؤولين اللبنانيين ولذلك وضع سلّة شروط على السلطة اللبنانية الالتزام بها قبل أن يمنح موافقته على القرض ويبدأ التمويل. اذ أنّ أول شروط البنك هو رفع التعرفة (ثمة دراسة مفصّلة وضعها البنك الدولي بهذا الخصوص) لكي تتمكن مؤسسة كهرباء لبنان من رفع قيمة الجباية لتأمين المستحقات، فضلاً عن أنّ هذا القرض هو بالدولار وليس بالعملة الوطنية، وبالتالي سترتفع قيمة القرض كلما انخفض سعر الليرة، فيما السؤال سيكون: هل ستكون تعرفة الكهرباء متحركة ربطاً بسعر الدولار؟

الأهم من ذلك هو أنّ رفع سعر التعرفة يحتاج إلى قرار يتخذ في مجلس الوزراء، وهو شرط قانوني غير متوفر، أقله إلى الآن، فيما الطبقة السياسية المنخرطة في الانتخابات النيابية، ستواجه صعوبة كبيرة في فرض سعر جديد للكيلواط ولو أنّ تعرفة مؤسسة كهرباء لبنان ستكون أدنى من تعرفة المولدات التجارية. ومع ذلك، قد يكون القرار في هذا التوقيت بالذات “قاتلاً”.

وفق مصادر وزارة الطاقة، فإنّ اصرار هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل على تضمين الاتفاق مع الأردن تطمينات خطية من الإدارة الأميركية تحول دون تعرّض لبنان إلى العقوبات جرّاء قانون قيصر، شكّل جزءاً من المشاورات الأخيرة، وهي مسألة أثارت استغراب السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، حسب المعلومات، لكنها وعدت بتأمين رسالة خطية مشابهة لتلك التي وصلت إلى الأردن لتسريع المشروع.

إلى ذلك، لا تنفي المصادر أن تكون السلطات السورية قد تمنت على لبنان والأردن توقيع الاتفاق في دمشق، وقد تواصل وزير الطاقة اللبناني مع نظيره الأردني الذي لم يبد أي ممانعة في هذا الأمر، ما يعني أنّ الاتفاق سيوقّع في سوريا، مشيرة إلى أنّ البنك الدولي يحضّر كامل الملف لعرضه على مجلس إدارته لتأمين الموافقة، خصوصاً وأنّ كل الإشارات التي أتت منه أو من الفرنسيين ايجابية.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …