كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
تفقد الاعياد في لبنان بهجتها في ظل استفحال الازمات، يعجز المواطنون عن شراء حاجياتهم من مأكولات وحلويات وثياب وهدايا لادخال الفرح الى قلوب عائلاتهم وأطفالهم، فيما يواجه القطاع التجاري تحدياً كبيراً في محاولة انعاش نفسه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بعدما أصبح أشبه بمريض في غرفة العناية الفائقة، اذ يشكّل التسوق في فترتي الميلاد ورأس السنة، واحدة من ثلاثة مواسم للخير والبيع الى جانب عيدي الفطر والاضحى، لتعويض خسائره المتكررة منذ سنوات.
واكد رئيس جمعية “تجار صيدا وضواحيها” علي الشريف “ان مفتاح الحل وضع خطة طوارئ اقتصادية توازي الصحية، وبانتظارها، أخذت الجمعية على نفسها تقديم كل العروض لتنشيط الحركة التجارية، مددت فتح الاسواق والمحال التجارية، ليتمكن الزبائن من التبضع في اوقات الليل واثناء العطل الاسبوعية، وقررت تخفيض الاسعار وتقديم تنزيلات ضمن ما هو متاح وممكن، ودعت الزبائن الى الالتزام باجراءات الوقاية والتّعقيم واستعمال الكمامة لمنع تفشي “كورونا” في ظل الحديث عن موجة رابعة، لتوفير بيئة صحية وتسوق آمن”.
وقال نائب أمين سر الجمعية وائل قصب لـ”نداء الوطن”: “رغم كل ذلك، تغيب بهجة الميلاد عن الاسواق والناس معاً. المشكلة لا تكمن برغبة الناس او قرارها بعدم الاحتفال، وانما في عدم قدرتها على الشراء، فبعد ترتيب سلم الاولويات يأتي التسوق في آخر الكماليات وعند البعض لا يأتي أبداً وقد حذف. لا نترك زبوناً يخرج من المحل “زعلاناً”، نبيع بأقل الاسعار وحتى البعض بخسارة لتأمين استمرارية العمل في ظل الكلفة التشغيلية العالية جداً”.
لا يخفي التجار ان حال القطاع بات أشبه بمريض يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولا يجد من يمدّه بأوكسيجين الحياة، نتيجة ما تلقّاه من ضربات قاضية أطاحت بالعديد من المؤسّسات التّجاريّة، اقفالاً او افلاساً او تخفيضاً في اعداد الموظفين ولا تزال أخرى تنتظر أو ينتظرها المصير ذاته.
ويؤكد صاحب محل “لانجري” حسين زين لـ”نداء الوطن” ان “حركة الاسواق خجولة، بينما يجب ان تكون كثيفة في مثل هذه الايام من العام. هناك بيع.. ولكنه لا يرقى الى مناسبتي الميلاد ورأس السنة، خلال جولة واحدة في السوق يدرك الانسان ان لا بهجة للعيد في ظل الضائقة المعيشية والجائحة الصحية والتجار يعانون ركوداً وخسارة”.
وقد شهدت صيدا وشوارعها عجقة سير خانقة، اعتقد كثر انها ازدحام في الاسواق، قبل ان يدركوا سريعاً انها مجرد اقبال على المصارف لقبض الرواتب والاستفادة من تعميم مصرف لبنان الاخير، ويقول جوزيف عبود: “سأعود الى بيتي خالي الوفاض، الاسعار نار وفوق الخيال وتفوق قدرتي على الشراء، فالعين بصيرة واليد قصيرة، لذلك قررت شراء بعض الحلوى للاولاد لادخل الفرح الى قلوبهم افضل من العودة صفر اليدين”.
ودلت حركة الاسواق الخجولة الى مدى استفحال الأزمات الكارثية التي أجبرت اللبنانيين على استقبال الأعياد فاقدة لبهجتها مع مزيد من الخيبات والشعور بالإحباط لما حلّ بهم وببلدهم من كوارث لم تتوقف بعد، وهي مستمرة بالسقوط في هاوية لا قاع لها.