ألقى وزير التربية والتعليم العالي وزير الاعلام بالوكالة عباس الحلبي خلال التسليم والتسلم في وزارة الاعلام مع سلفه الوزير جورج قرداحي كلمة قال فيها: “أتوجه بتحية محبة وتقدير للوزير الصديق الأستاذ جورج قرداحي، الذي أراد بحضوره أن يعبر عن هذه العلاقة الإنسانية والثقافية والفكرية التي تجمعنا ، بعيدا من المناصب والمسؤوليات. كما أحيي فيه حسه بالمسؤولية الوطنية وترفعه عن التمسك بالموقع، لما يتحلى به من أخلاق وسيرة مهنية لا نقاش فيها”.
وقال: “أنا أيها الأحباء، أحل اليوم بصورة موقتة وزيرا للإعلام بالوكالة، لأتسلَّم مهام هذه الوزارة من سلفي الأستاذ جورج قرداحي الوجه المعروف في لبنان وعالمنا العربي، والذي إن إستقال من منصبه لأسباب أسهب في شرحها، إلا أنه من الواجب أن نحييه لموقفه الذي كان فاتحة خير على البلد. وفي هذه المناسبة لا بد من تأكيد أهمية مبادرة الرئيس ماكرون في عدد من بلدان الخليج العربي، وخصوصا في المملكة العربية السعودية، وانفتاح المملكة مجددا على لبنان متجاوزة الحدث العارض في العلاقات اللبنانية – السعودية التاريخية”.
أضاف: “ان هذه المبادرة لا شك المشكورة والمقدرة من جميع اللبنانيين، ستسهم في إعادة وصل ما إنقطع وعودة لبنان إلى الحضن الطبيعي الذي لطالما حرص عليه، كواحد من البلدان التي تسهم في نماء المنطقة، وعلامة فارقة في إنفتاحها وتطورها، أمينا على رسالته التاريخية والتزاما لما ورد في وثيقة الوفاق الوطني والدستور، بأنه عربي الهوية والإنتماء. إن تجاوب القيادة السعودية في إعادة الاهتمام بالوضع اللبناني وإستئناف العلاقات بما يعيد نصاب هذه العلاقات إلى أطرها الطبيعية، يأتي ليؤكد أن لبنان لم يكن له إلا أن يكون على أحسن العلاقات وأقصى التعاون مع الدول العربية، وخصوصا الدول الخليجية التي شكلت له تاريخيا، عنصرا ضامنا لاستقلاله وسيادته، ومتنفسا لاقتصاده وازدهاره، ومركزا لاستقطاب اللبنانيين الذين أثروا هذه البلاد بخبراتهم، كما الخليجيين، شكلوا عامل استثمار وإزدهار، فضلا عن المحبة والوئام في حسن العلاقات”.
وتابع: “أنا بينكم اليوم لأتسلم مهام وزارة الإعلام، بكل ما تعنيه هذه الوزارة من رعاية لحرية التعبير وخدمة للرأي العام، وذلك في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، حيث تتوجه هموم المواطنين نحو لقمة العيش الكريم، وتأمين المدرسة والجامعة، ونشر اللقاح لدرء خطر كورونا، وتوفير الكهرباء والدواء والنقل وغير ذلك من الهموم التي لا تنتهي. لكن ذلك كله لا يجعل اللبنانيين يهملون حرية التعبير المسؤول، الحرية التي بذلوا في سبيلها الدماء وقدموا الشهداء ولم يتخلوا عنها. إن المؤسسات الإعلامية اللبنانية باتت مرهقة ومنهكة بفعل الأزمات الاقتصادية والنقدية والمالية المتتالية، وقد خسرت الكثير من كوادرها أو أقفلت أبوابها نهائيا، ووجد العديد من الإعلاميين فرص عمل في الدول العربية أو في الخارج، وأصبحنا ندور في فلك الإعلام الرقمي بكل ما فيه من خدمات وانتشار مسؤول في أحيان كثيرة، وبكل ما فيه أيضا من المخاطر والمنزلقات”.
أضاف: “إنني مع التطور التكنولوجي في الإعلام والتواصل، وتسويق إسم لبنان والتعريف بخدماته ومنتجاته، وفي الوقت الذي سأكون فيه بينكم سوف أسعى مع الحكومة والمجلس النيابي، إلى تطوير قانون الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وخصوصا الرقمي، ليصبح منظما ومسؤولا ومولدا لفرص العمل، وأن نرتقي به إلى حيث يستحق هذا القطاع ويستحق لبنان، من موقع كان فيه رياديا بفضل الإعلاميين وتضحياتهم، وسيعود إلى ريادته بفضل المخلصين . وسوف أتابع أوضاع الإعلاميين في الوزارة والمؤسسات التابعة لها وتحت وصايتها مثل تلفزيون لبنان، ليلعب دوره الذي ننتظره منه. وسوف أسعى مع المؤسسات الدستورية لإقرار قانون ينصف الإعلاميين في نهاية الخدمة وقد أصبح في مرحلة عرضه على الهيئة العامة لمجلس النواب”.
وقال: “إنني أعول الكثير على فريق العمل في الوزارة برئاسة المدير العام الدكتور حسان فلحة، وأدعو وحدات الوزارة في الوكالة الوطنية للإعلام وإذاعة لبنان وتلفزيون لبنان ومركز الدراسات، إلى إجراء عملية تقييم ذاتي، وتطوير في التفكير والمقاربة، لاستشراف المرحلة وتعزيز حضورنا على الصعد كافة”.
أضاف: “إنني أتوجه إلى وسائل الإعلام بكل مسمياتها، إلى وعي دقة المرحلة وخطورتها ، فنسهم في تعميم الإيجابيات دون إغفال السلبيات، ولكن بمقاربتها بروح المسؤولية وليس بغية الإثارة والإساءة، وأن نرفع من مستوى التخاطب السياسي وخصوصا أننا على عتبة دخول موسم الإنتخابات. وأنبه إلى خطورة إعلاء خطاب الكراهية على حساب المحبة، والسجال العقيم على حساب خطاب الحوار البناء، والاشتباك اللفظي والسباب عوض الكلمة الطيبة السواء ومقاربة المواضيع الإجتماعية بروح المعالجة العلمية وليس السوقية بعيدا عن الإبتذال؟ إنني أينما أحل أحاول أن أعيد الإعتبار إلى مفهوم الدولة وتفعيل عمل المؤسسات، وهذا أكثر ما نحتاجه اليوم. هكذا بدأت عملي في وزارة التربية والتعليم العالي، ويمكنني القول بعد ثلاثة أشهر من تسلمي هذه المهام، أن هذا الحرص قد حقق الغاية منه، محاولا في وزارة الإعلام، وإن كنت لفترة موقتة، فإنني أيضا أوجه كلمة إلى جميع العاملين والتابعين لهذه الوزارة، إلى أنني حريص على إعادة الاعتبار إلى مفهموم الدولة وتدعيم عمل المؤسسات، وأدعو الجميع إلى تلقي هذه الرسالة بوضوح، لأنني سأكون بالفعل ضامنا لهذا الأمر. فلا يهمني الإنتماء السياسي أو الطائفي أو المناطقي، بل ما يهمني تأليف فريق عمل واحد يعمل تحت سقف القانون والنظام، لأن بلدنا يستحق منا كل التضحية، بعدما بلغت الأمور فيه إلى هذا المستوى الذي لا نرغبه”.
وتابع: “لبنان يستحق منا الكثير من التضحيات، لذا أتوجه إلى وسائل الإعلام التي أفخر بها، لكي تقوم بحماية الحرية المسؤولة، عبر إشراف ذاتي وحرص وطني على التوازن بين الإيجابيات والإبداعات من جهة، وعلى لغة التخاطب بين المكونات اللبنانية في هذه الظروف الدقيقة، ومقاربة المواضيع المتصلة بعلاقاتنا الخارجية خصوصا مع الأخوة العرب، بروح المسؤولية الوطنية البعيدة عن الاستفزاز والعصبية، وبتعزيز قنوات التواصل مع عمقنا العربي”.
وختم: “تحية إلى وسائل الإعلام التي ترفع إسم لبنان في العالم، ولنتعاون معا وزارة ومؤسسات من أجل لبنان وإشعاعه وحضوره، على الرغم من كل الأزمات. عشتم، عاش الإعلام اللبناني وسيلة للتواصل وبناء الجسور، وعاش لبنان”.