خلص استطلاع في تقرير لـ”اليونيسف” حمل عنوان “البقاء على قيد الحياة من دون أساسيات العيش: تفاقم تأثيرات الأزمة اللبنانية على الاطفال”، إلى انه “في ظل عدم وجود ضوء في الأفق يوحي باقتراب إيجاد الحلول للأزمة اللبنانية، يشتد تأثير تلك الأزمة على الأطفال في شكل تدريجي، على نحو ما أظهره استطلاع جديد من ارتفاع في عدد الأطفال الذين يعانون الجوع، والذين اضطروا إلى العمل لإعالة أسرهم، والأطفال الذين لم يتلقوا الرعاية الصحية التي كانوا في أمس الحاجة إليها”.
واليوم، تشير المعطيات إلى تدهور هائل في الظروف المعيشية على مدى الأشهر الستة الماضية، فأكثر من نصف الأسر تخطى طفل واحد لديها على الأقل وجبة طعام في شهر أيلول الماضي، في حين كانت النسبة تعادل 37 في المئة في نيسان. وقد أفادت 30 في المئة من الأسر التي شملها الإستطلاع عن خفض نفقات التعليم بعدما كانت نسبة تلك الأسر 26 في المئة في نيسان الماضي”.
واستند التقرير المنجز إلى “تقويمين سريعين ركزا على الأطفال أجرتهما اليونيسف في نيسان 2021 ثم في تشرين الأول 2021 بين الأسر نفسها:
تضخم هائل
وأفاد التقرير أنه “في مواجهة التضخم الهائل، وتزايد الفقر، وندرة توافر الوظائف، اضطر 40 في المئة من الأسر إلى بيع الأدوات المنزلية والأثاث (بنسبة قاربت 33 في المئة)، وكان على 7 من كل 10 أسر شراء الطعام عبر مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو عبر الاقتراض المباشر لشراء الطعام، مقارنة بنسبة 6 من كل 10 أسر في شهر نيسان 2021”.
وأضاف: “كان للأزمة المستشرية تأثير خطير على صحة الأطفال، نحو 34 في المئة من هؤلاء لم يتلقوا الرعاية الصحية التي احتاجوا إليها، بعدما كانت النسبة 28 في المئة في نيسان الماضي. وارتفعت أسعار الأدوية في شكل كبير، مما جعل العديد من الأسر غير قادرة على تحمل تكاليف الرعاية الصحية المناسبة لأطفالها، في ظل النقص الحاد في الأدوية الأساسية المتوافرة في البلاد. وارتفعت الأسعار أكثر بعدما عمدت الحكومة، بدءاً من 16 تشرين الثاني، إلى رفع الدعم تدريجياً عن أنواع معينة من الأدوية، بما فيها أدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية القلب وارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم وضغط الدم”.
وتابع: “وجدت كثير من الأسر نفسها مجبرة على اللجوء إلى آليات التكيف السلبية التي غالباً ما تعرض الأطفال للخطر. وأرسل زهاء 12 في المئة من الأسر، التي شاركت في استطلاع اليونيسف السريع، أطفالها إلى العمل في ايلول الماضي، مقارنة بنحو 9 في المئة في نيسان.”
أزمة المياه
وما زاد الطين بلة، حسب التقرير، أن “أزمة المياه تشكل اليوم تهديدا هائلاً للصحة العامة. فقد عجزت أكثر من 45 في المئة من الأسر عن الحصول على مياه الشرب الكافية مرة على الأقل في الأيام الثلاثين التي سبقت إجراء الاستطلاع، مقارنة بأقل من 20 في المئة في نيسان الماضي. وقد افتقر 35 في المئة من هؤلاء إلى مياه الشرب الآمنة بسبب ارتفاع تكلفتها. وكانت نسبة الأسر 28 في المئة في نيسان الماضي”.
ولفت إلى انه “في الوقت نفسه، يعاني لبنان أحد أسوأ مراحل الكساد الاقتصادي في العالم في التاريخ الحديث، يضاف إلى البلاء الذي أصاب البلاد جراء جائحة كوفيد-19 وتأثير تفجيرات مرفأ بيروت الهائل في آب 2020”.
وتشير التقديرات الأخيرة، إلى أن “ما يزيد عن 8 من كل 10 أشخاص يعيشون في فقر، و34 في المئة واقعون في فقر مدقع، والأرقام تبدو صاعقة أكثر بالنسبة إلى أسر اللاجئين السوريين، بحيث يعيش 9 من كل 10 سوريين في فقر مدقع”.
اليونيسف
وقالت ممثلة اليونيسف في لبنان يوكي موكو: يفترض أن يشكل حجم الأزمة وعمقها جرس إنذار للجميع ليستفيقوا الآن. هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان عدم تضور أي طفل جوعاً، أو إصابته بالمرض، أو اضطراره إلى العمل بدل تلقيه التعليم. تحتاج الحكومة إلى اتخاذ إجراءات سريعة لحماية مستقبل الأطفال. ويتطلب ذلك التوسع في تنفيذ تدابير الحماية الإجتماعية، وضمان وصول كل طفل إلى التعليم الجيد، وتعزيز الرعاية الصحية الأولية وخدمات حماية الطفل.