جاء في “المركزية”:
كل آفاق الحلول المطروحة في بازار المداولات الداخلية كمخارج لسبحة الازمات التي تكر من دون توقف وأشدّها تلك التي ضربت اخيرا علاقة لبنان بدول الخليج بعدما عطلت شروط الثنائي الشيعي جلسات مجلس الوزراء، تبدو مقفلة في ضوء تمترس حزب الله خلف دشم شروطه غير القابلة للتليين، فيما الرهان على “عجيبة” قد تتأتى من الخارج ليس اوفر حظا، الا اذا انتجتها مفاوضات فيينا بعد اقل من اسبوع وهو أمر مستبعد بدوره، قياسا على المواقف الصادرة من الاطراف الدولية المعنية لا سيما ايران التي ترفع سقف مطالبها وتصعّد ميدانيا في عواصم عربية “طوبتّها” باسمها لاستخدامها اوراق ضغط “نووية” واكثرها فاعلية لبنان، بعدما راحت تتهاوى الواحدة تلو الاخرى اوراق العراق وسوريا واليمن.
ازاء العقم هذا، تعرب اوساط دبلوماسية غربية عن اعتقادها ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاكثر حرصا على لبنان من حكامه والقيمين على شؤونه السياسية، لا زال يتمسك بشعرة معاوية على رغم سلسلة الانتكاسات التي مني بها جراء نمط التعاطي اللبناني مع الواقع المرير، وقد خذله القادة السياسيون بعدم التزامهم بتعهداتهم في اجتماع السفارة الفرنسية في بيروت، وتجويفهم مبادرته بتشكيل حكومة محاصصة سياسية خلافا لم وعدوا به، وهو يستكمل مساعيه منعا للارتطام المدوّي. وتكشف انه بعدما ارجأ تباعا زيارته الى الخليج سيزور المملكة العربية السعودية وقطر التي يسبقه اليها الرئيس ميشال عون ، والامارات العربية المتحدة حيث تقام سلسلة احتفالات لمناسبة الذكرى الخمسين لقيام دولة الامارات، وتمتد جولة ماكرون ما بين 3 و5 كانون الاول المقبل، علما ان اي بيان لم يصدر بعد عن قصر الاليزيه في شأن الزيارة وجدول اعمالها وبرنامج مواعيد الرئيس، في انتظار انتهاء الاتصالات بين باريس والعواصم الخليجية لتحديدها.
في الدول الثلاث ولا سيما في السعودية سيحضر ملف لبنان طبقا دسما على طاولة المحادثات بحسب ما تفيد الاوساط “المركزية” نسبة للاهمية التي يوليها الطرفان للبنان. فباريس راغبة بشدة في تحقيق هدف انقاذ لبنان ليضمه ماكرون الى سجل انتصاراته في استحقاقه الانتخابي الوشيك والرياض تتطلع الى استعادة لبنان عروبته بعدما الحقه حزب الله والعهد الحليف بمحور ايران متسببا بأزمة غير مسبوقة مع اشقائه انفجرت اخيرا بمواقف الوزير جورج قرداحي نتيجة تراكمات لم يعد في استطاعة الخليجيين الذين لطالما شكلوا رافعة للبنان في مجمل ازماته تحملها بعدما لامست عقر دارهم بالمخدرات والاستهداف الامني. وبلغت النقمة الخليجية حدّ القطيعة مع السلطة اللبنانية “المتواطئة والمتخاذلة” مقابل الحرص على الشعب الذي لم تقفل ابوابها في وجهه والمستمر قسم كبير منه في الاقامة والعمل في مجمل دول الخليج، في وقت بدأت مسار الانفتاح على النظام السوري لاعادته الى الحضن العربي على رغم ان الرئيس بشار الاسد لم يحسم موقفه حتى الان من التحالف مع ايران، مع انه يتجه الى ذلك. الا ان الاوساط تشرح ان الفرق بين لبنان وسوريا، هو ان حزب الله في لبنان مكون لبناني ممثل في مجلس النواب ومشارك في الحكومة ومعظم اللبنانيين ضد مشروعه وضد انخراط وطنهم في المحور الايراني، الا ان السلطة السياسية عاجزة عن مواجهة الحزب ومنغمسة في مشروعه المعادي للعرب، خلافا لسوريا حيث الكلمة الفصل لرئيس البلاد.
والى المحادثات مع دول الخليج التي تبقى نتائجها غير مضمونة، تنقل اوساط سياسية فرنسية لـ”المركزية” ان الرئيس ماكرون مستعد لعقد مؤتمر دولي لمساعدة لبنان في باريس على غرار المؤتمر من اجل ليبيا، الا انه يحاذر الاقدام على خطوة من هذا النوع نتيجة تجربته المريرة في قصر الصنوبر، وتاليا فانه ليس في وارد تكرارها ما دامت القوى السياسية اللبنانية نفسها، لانه ان وجه الدعوة وعقد المؤتمر فقد لا تلتزم بعض القوى بما يصدر من قرارات، فيُصاب بانتكاسة اضافية… في مطلق الاحوال تبقى الفكرة قيد الدرس تحسباً، ان استلزمت الضرورات.