اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى اتخاذ مسار طويل وغير تقليدي من العاصمة المجرية بودابست إلى واشنطن، تجنباً لاحتمال هبوط اضطراري لطائرته في دولة قد تؤدي إلى اعتقاله بموجب مذكرة صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية على خلفية ارتكابه جرائم حرب في قطاع غزة.
ووفقاً لتقرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية، سلك نتنياهو طريقاً أطول بحوالي 400 كيلومتر من الطريق الأمثل، وذلك بهدف تفادي المرور فوق الدول التي يُحتمل أن تنفذ مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، في حال حدوث هبوط اضطراري. الصحيفة أوضحت أن نتنياهو غادر بودابست متجهاً مباشرة إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماع عاجل في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقالت هآرتس أن إسرائيل كانت قد تقدّرت أن عدداً من الدول الأوروبية، ومنها أيرلندا وآيسلندا وهولندا، قد تنفذ مذكرة المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو. لذلك، قام بتعديل مسار طائرته لتطير فوق كرواتيا وإيطاليا وفرنسا قبل عبور المحيط الأطلسي إلى الولايات المتحدة. تجدر الإشارة إلى أن جميع رحلات نتنياهو منذ بداية الحرب على غزة اتبعت هذا المسار ذاته عبر اليونان وإيطاليا وفرنسا.
على الرغم من أن الولايات المتحدة ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن نتنياهو كان يحرص على تجنب المرور في أجواء الدول الأعضاء خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى هبوط اضطراري قد يعرضه للاعتقال.
وفي السياق نفسه، أفاد إعلام إسرائيلي أن وصول نتنياهو إلى واشنطن شهد مظاهرة من مؤيدين لإبرام اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما يعكس استمرار الضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية بشأن الحرب في القطاع.
من جهة أخرى، أعلنت الحكومة المجرية يوم الخميس عن بدء إجراءات انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، وذلك في وقت تزامن مع زيارة نتنياهو إلى بودابست، حيث كانت المنظمات الحقوقية قد طالبت الحكومة المجرية برفض استقباله أو باعتقاله.
وفي 21 تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت بتهم ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين في غزة.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل كثّفت مؤخراً عملياتها العسكرية البرية والجوية في قطاع غزة، وذلك بعد انتهاكها اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس. وفي الوقت الذي تواصل فيه الحرب التي بدأتها إسرائيل في السابع من تشرين الأول 2023، مع الدعم الأميركي، فإن الحصيلة المؤلمة لهذه الحرب تتجاوز 165 ألف قتيل وجريح فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن أكثر من 11 ألف مفقود.
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في تشرين الاول 2023، تصاعدت النداءات الدولية ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية. المحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت في 2024 مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، وذلك في أعقاب الأدلة التي تشير إلى تورطهم في ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. كما طالبت المنظمات الحقوقية الدول الأوروبية باتخاذ إجراءات قانونية ضد المسؤولين الإسرائيليين الذين يتورطون في انتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما دفع بعض هذه الدول إلى اتخاذ خطوات ضد السفر الجوي لنتنياهو.