جاء في “نداء الوطن”:
ينتظر أن تبتّ هيئة محكمة التمييز في الدعويين اللتين قدمهما وكلاء رئيس الحكومة السابق حسان دياب والنائب نهاد المشنوق ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار تحت عنوان “مداعاة الدولة” بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمال القضاة العدليين، وذلك سنداً الى مواد ينصّ عليها قانون أصول المحاكمات المدنية. هذا المسار القضائي يعود إلى الواجهة بعد عودة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود من فرنسا حيث ترأس بعض جلسات في الإجتماع السنوي لمحاكم التمييز الفرنكوفونية في العالم.
وإذا كانت هاتان الدعويان قد أوقفتا القاضي طارق البيطار المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت عن متابعة الجلسات مع دياب والمشنوق فإن هيئة محكمة التمييز ستواجه ضغطاً متزايداً تجاه التطورات التي طرأت على القضايا المتعلقة بهذا الملف خصوصاً بعد أحداث الطيونة وبعد التهجّم المباشر على الرئيس عبود وربطه بالمسار الذي يسلكه القاضي البيطار واعتبار أنه هو الذي يحميه وهو الذي يساعد في إقفال الطريق أمام دعاوى رده وكف يده وهذا ما يحمّله مسؤولية كبيرة تجاه الإنحناء تحت الضغوط أو التصرف من خلفية قضائية قانونية بحتة وفق ما يقتضيه القانون وسير العدالة وصولاً إلى الحقيقة. وجدير بالذكر أن “حزب الله” حاول من خلال مسؤوله الأمني الحاج وفيق صفا أن يضغط على القاضي عبود لقبع القاضي البيطار أو لوقف تحقيقاته أو حرف مسار التحقيق وهو زاره في مكتبه بناء على موعد سابق ولم ينجح في فرض أي أمر عليه وبعدها حاول أن يدخل إلى مكتب القاضي البيطار وعندما لم يوافق البيطار على استقباله وجّه إليه رسالة التهديد مع صحافية كانت تنتظر أمام المكتب لتنفجر بعدها القضية على أعلى مستوى عند الحزب وليطالب أمينه العام السيد حسن نصرالله بتغيير “هيدا القاضي” قبل أن ينزل الإعتراض إلى الشارع وتحصل أحداث الطيونة.
في ظل هذا الضغط الذي تفاقم مع التداعيات السياسية وشل عمل الحكومة والأزمة بين لبنان ودول الخليج والمملكة العربية السعودية وبعد محاولات كثيرة جرت للربط بين هذا الملف وبين ملف أحداث الطيونة، سيبدأ القاضي عبود مع أعضاء هيئة المحكمة البتّ في مصير الدعويين قبولاً أو رفضاً، علماً بأن قرار البتّ يحتاج الى موافقة خمسة قضاة عليه من ضمنهم عبود الذي يعتبر صوته مرجحاً في حال تعادل الأصوات. وقد كانت هناك تسريبات حول الولاءات السياسية بين أعضاء مجلس القضاء الأعلى وبالتالي حول تكوين الهيئة التي ستنظر في هاتين الدعويين من بين القضاة التسعة وهم: جمال الحجار، سهير حركة، رندا كفوري، جانيت حنا، روكز رزق، ماجد مزيحم، جمال خوري، ناجي عيد، رولا المصري وعفيف الحكيم، مع الإشارة إلى أن القاضية جانيت حنا والقاضي ناجي عيد كانا ردا دعاوى ضد البيطار.
والجدير بالذكر أن القاضي عبود لا يمكن أن يسجل على نفسه أنه يتراجع أمام الضغط خصوصاً أن التهديد الذي وجه إلى القاضي البيطار شمله معه بحيث باتا في الخانة نفسها وفي المواجهة نفسها ولذلك يعتبر أن أي مسّ بالقاضي البيطار وبمهمته يعتبر مساً به وبالعدالة وبمجلس القضاء الأعلى ونهاية للآمال التي وضعت على تحسين صورة القضاء من خلال استقلالية القاضي البيطار وصولاً إلى كشف الحقيقة في قضية تفجير المرفأ وصولاً إلى إعلاء صوت العدالة وعدم الإفلات من العقاب. لا شك في أن الرئيس عبود ومجلس القضاء الأعلى أمام تحدٍّ كبير أكبر من تحدي التمسك بالتشكيلات القضائية. فهل يبقى مجلس القضاء الأعلى على هذه الصورة منسجماً مع رئيسه من أجل المشاركة في حمل هذا العبء ومن أجل اللبنانيين الذين يتطلعون إلى القرارات التي ستصدر عن هيئة محكمة التمييز؟