ألقى المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان خطبة في مكتبه في دار الافتاء الجعفري، لمناسبة رأس السنة الهجرية لهذا العام، قال فيها: “على مستوى الداخلي اللبناني أقول للإخوة المسيحيين الأحبة: نحن عائلةٌ لبنانية خبزُها محبةُ المسيح ورحمةُ محمد، والكنيسةُ جارة المسجد، ووهب المسيحي عنوانُ المثال التاريخي للفداء الممزوج بدماء الامام الحسين، ولن نفرّط بالمسيحية وثقلِ وجودها وشراكة العمر التاريخية بيننا”.
وأردف قبلان، “قناعتُنا أن لبنان لا يقوم إلا بالمسلم والمسيحي، والتراث الديني والأخلاقي أكبر ثروةٍ للتلاقي الإسلامي المسيحي، وصلاةُ المسيح ومحمد عنوانُ قداستِنا، والقنديل الممسوك بيد السيدة الزهراء والسيدة مريم صراطُ طريقنا، وكذا شراكتنا الوطنية، ولذا كرّسنا القيمة الوطنية للعائلة اللبنانية، وقلنا لا بدّ من تسوية رئاسية تعكس شراكَتَنا التوافقية، بعيداً عن منطق “غالب ومغلوب”، “وأكثرية وأقلية”، لأن هذا البلد يعيش بالمحبة والإلفة لا بالغَلَبة والاستئثار، والحذر الحذر من كمائن واشنطن وأبواق فتنتها التي تتربّص بالسياسة والمال والإعلام ومراكز النفوذ في هذا البلد”.
وتابع، “وتاريخ واشنطن في هذا البلد مرّ وعلقم، وأصابع نيرانها بالحرب الأهلية وما تلاها واضحة للعيان، والأمل معقودٌ على تطهير ما أمكن في هذا البلد من نفوذ واشنطن، وما نريده الآن تسوية رئاسية بحجم عائلتنا اللبنانية فقط، ومجلس النواب يمثّل كل القوى السياسية، والرئيس نبيه بري في هذا المجال فرصة تاريخية في التسويات، فهو الشخصية القادرة على ابتكار حلولٍ بحجم مصالح العائلة اللبنانية، وما يطلبه الثنائي الوطني في هذا المجال عينُ المصلحة الوطنية”.
وأشار قبلان الى أن “كما تمرّ المصلحة الوطنية بالثنائي الوطني أيضاً تمرّ بباقي القوى اللبنانية، بل يجب أخذ التضحيات السيادية التاريخية للثنائي المقاوم بعين الاعتبار لأنه القوة الوطنية التي ما زالت تقود عقوداً من المقاومة والتضحيات التي هزمت إسرائيل واستردت البلد، ودون أن ننتقص من تضحيات الآخرين، ولا يمكن فصل المصالح الوطنية السيادية عن المصالح السياسية السيادية، وحماية القرار السياسي من حماية السيادة الوطنية، لأن العالم غابة تعيش على القوة لا على المبادئ، والحل هنا وليس في الخارج، وتنسيق الجهود وعدم حرق الجسور والجلوس معاً والانتهاء من تسوية رئاسية بحجم مصالح العائلة اللبنانية ضرورة وطنية كبرى، والمواقف الانتقامية عديمة الفائدة، والخلافات الطائفية تزيد من الحريق الوطني، ولا سيادة وطنية بلا ماء وغذاء وطبابة ونفط وكرامة وطنية وأخلاقية”.
وختم قبلان: “أخيراً، الشراكة الوطنية ليست صفقة زِواج، والبلد ليس للبيع، والحياد بالمصالح السيادية تضييع للبنان، والمسجد والكنيسة أكبر ضمانات استقرار لبنان ووجوده. عظّم الله أجوركم.. وكل عام ولبنان وأنتم بخير”.